بقوة الطاقة والمبادرات الخضراء.. مصر تدفع إفريقيا نحو تنمية مستدامة شاملة

صرح الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن مصر شريك فعال ونشط في دفع عجلة التنمية المستدامة في قارة إفريقيا، وهي بموقعها الجغرافي وتاريخها بوابة القارة إلى العالم، مشير إلى العمل على نقل التجربة المصرية بنجاحاتها وتحدياتها، وتبادل الخبرات مع الأشقاء في الدول الإفريقية بكل شفافية، والتعلم من تجاربهم الناجحة والاستفادة منها.
بقوة الطاقة والمبادرات الخضراء.. مصر تدفع إفريقيا نحو تنمية مستدامة شاملة
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها، اليوم الأربعاء، نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في افتتاح الاجتماع الوزاري للمؤتمر العام الحادي والعشرين لمنظمة اتحاد مرافق الكهرباء الإفريقية بعنوان: إفريقيا وتحديات التحول الطاقي، بحضور الوزراء المعنيون بالكهرباء والطاقة في الدول أعضاء الاتحاد، ورؤساء شركات الكهرباء الإفريقية، وشركاء التنمية الإقليميون والدوليون، وممثلو الشركات المحلية والعالمية.
وقال عصمت إن المؤتمر يعد منصة مثالية لتبادل الخبرات وطرح الحلول المبتكرة، انطلاقاً من كونه ورشة عمل عملاقة تلتقي فيها العقول والخبرات لتطوير الآليات لتعبئة التمويل من خلال أدوات التمويل المختلط والأخضر، ونقل التكنولوجيا بعقد الشراكات الاستراتيجية، وبناء القدرات البشرية اعتماداً على برامج التدريب وتبادل الخبرات، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق التكامل الأمثل.
وأشار إلى أن الحضور الكبير يمثل تجسيداً حياً للإرادة المشتركة لقارتنا الإفريقية، وإعلاناً صريحاً عن عزمنا الجماعي على مواجهة التحديات، وبناء مستقبل طاقة مستدام ينعم به جميع أبناء القارة. كما أنه شهادة على نضج الوعي الإفريقي بأهمية الطاقة كعامل محوري للتنمية والاستقرار.
وبين أن التحول في الطاقة لم يعد مجرد خيار استراتيجي يمكن تأجيله، بل أصبح ضرورة حتمية ومساراً لا بد منه لضمان أمن الطاقة وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، ويتطلب إرادة سياسية قوية، واستثمارات ضخمة، وابتكاراً مستمراً.
وأوضح الوزير الاهتمام الذي توليه مصر للتحول في الطاقة، والذي تم إدراك أهميته مبكراً، حيث تم إعداد استراتيجية الطاقة الطموحة والمتكاملة حتى عام 2040. وتستهدف هذه الاستراتيجية تعظيم مشاركة قدرات الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى حوالي 42% عام 2030، وأكثر من 65% عام 2040، بالإضافة إلى تعظيم إجراءات كفاءة الطاقة بهدف ترشيد الاستهلاك في كافة القطاعات بنسبة 18% بحلول عام 2040.
وأشار إلى الخطوات الهامة التي تم اتخاذها لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة للقطاع الخاص في مجال الطاقات المتجددة، وإصلاح البنية التشريعية لقطاع الكهرباء، والتي من بينها إصدار قانون الكهرباء الذي يستهدف تحرير سوق الكهرباء، وإصدار قانون لتحفيز الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، والمتضمن الآليات التي تساعد المستثمر على الدخول في هذا المجال.
وأضاف أن قطاع الكهرباء شهد نقلة نوعية غير مسبوقة، حيث تم تنفيذ مشروعات عملاقة في مجالات توليد الكهرباء من المصادر المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب تحديث شبكات النقل والتوزيع لزيادة كفاءتها وقدرتها على استيعاب الطاقات المتجددة المتغيرة.
كما أشار إلى تنفيذ برامج لرفع كفاءة استخدام الطاقة، لتساهم هذه المشروعات مجتمعة في تعزيز أمن الطاقة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق التزامات مصر الدولية لمواجهة تغير المناخ.
وتحدث عن الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون باعتباره مصدراً واعداً للطاقة في المستقبل القريب، موضحاً أن الرؤية تستهدف أن تصبح مصر واحدة من رواد العالم في اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون.
وأشار إلى إصدار قانون بشأن حوافز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة بفاعلية في هذه المشروعات، مؤكداً أن الجهود المبذولة تهدف إلى أن تكون مصر مركزاً محورياً لتبادل وتجارة الطاقة الكهربائية في المنطقة.
وأوضح أن مصر ترتبط حالياً مع الأردن من جهة الشرق، وليبيا من الغرب، والسودان من الجنوب، كما يجري تنفيذ الربط المصري السعودي بقدرة 3000 ميجاوات لربط مصر كهربائياً بدول الخليج وآسيا، وجارٍ دراسة الربط مع أوروبا من خلال اليونان وإيطاليا.
وأشار عصمت إلى التحديات الكبيرة والمتشابكة في طريق التحول في الطاقة، رغم آثاره الإيجابية الواعدة، والتي تتمثل في إيجاد التمويلات اللازمة لمشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية، والتي تتطلب استثمارات ضخمة طويلة الأجل، ونقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة، وبناء القدرات البشرية المؤهلة لإدارة وتشغيل هذه المنظومات المتطورة.
وأكد أهمية التركيز على عدد من المحاور في مناقشات المؤتمر، من بينها تطوير استراتيجيات وطنية وإقليمية للتحول في الطاقة تكون مرنة وقابلة للتطبيق، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجالات الربط الكهربائي وتبادل الطاقة، وتطوير الأسواق الإقليمية للكهرباء لتحقيق التكامل والاستفادة من المزايا النسبية لكل دولة.
كما شدد على أهمية تطوير البنية التحتية للطاقة بشكل شمولي، بما في ذلك شبكات النقل والتوزيع الذكية وأنظمة تخزين الطاقة، بالإضافة إلى تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وترشيد الاستهلاك ونشر الوعي، وتطوير القدرات البشرية والفنية من خلال برامج التدريب والتعليم المتخصصة.
وأشار إلى ضرورة تشجيع الابتكار والتطوير التكنولوجي في مجالات الطاقة النظيفة والشبكات الذكية من خلال دعم البحث العلمي والتعاون مع المراكز البحثية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الطاقة من خلال نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتطوير آليات تمويل مبتكرة مثل التمويل الأخضر (السندات الخضراء) والتمويل المختلط، والاستفادة من صناديق المناخ الدولية.
كما أكد الوزير أن قوة إفريقيا تكمن في وحدتها وتنوعها، مشيراً إلى الإرادة السياسية القوية التي تتجلى في الاتفاقيات الإقليمية والمبادرات القارية مثل السوق الإفريقية الموحدة للكهرباء.
وأوضح أن القارة تمتلك إمكانيات هائلة وغير مستغلة في مجالات الطاقة المتجددة، حيث تتمتع بوفرة في مصادر الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، والطاقة الحرارية الأرضية، فضلاً عن ثروة بشرية هي الأصغر سناً في العالم.
وأعرب عن أمله أن يسهم المؤتمر في صياغة رؤية موحدة لمستقبل الطاقة في إفريقيا، وأن يضع خارطة طريق واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ لتحقيق هذه الرؤية، مؤكداً ضرورة بناء نظام طاقة إفريقي موحد أكثر مرونة واستدامة، من خلال التعاون والتكامل بين كافة الدول لتحقيق الأمن في الطاقة، وتنويع مصادرها، وتقليل الاعتماد على الخارج، وتعزيز التنمية الاقتصادية.