وفاة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ.. سيرة عالم ومسيرة عطاء

رحل اليوم الثلاثاء المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بعد مسيرة علمية ودعوية امتدت لعقود شكّلت مرجعيةً راسخة للمجتمع والعالم الإسلامي. وقد نعاه الوسطان الديني والعلمي سائلين المولى عزّ وجلّ أن يتغمّده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدّم من علمٍ وجهدٍ في خدمة الإسلام والمسلمين.
فقد بصره في مطلع العشرينات
وُلِد الشيخ الراحل في مكة المكرمة يوم 30 نوفمبر 1943، وفُجِع بوفاة والده وهو لم يتجاوز الثامنة. حفظ القرآن الكريم صغيرًا على يد الشيخ محمد بن سنان، ثم تفرّغ لطلب العلم الشرعي مبكرًا، وفقد بصره في مطلع العشرينات، غير أنّ ذلك لم يَحُل دون تحصيله وتصدّره. تتلمذ على مفتي الديار السعودية الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فدرس عليه «كتاب التوحيد» و«الأصول الثلاثة» و«الأربعين النووية» ستّ سنوات، وتلقّى علم الفرائض عن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وتعلّم النحو وسائر علوم الآلة على عددٍ من الأئمة، منهم الشيخ عبدالعزيز بن صالح المرشد، ثم قرأ على الشيخ عبدالعزيز الشثري متني «عمدة الأحكام» و«زاد المستقنع».
رحلة علم وعمل
التحق الشيخ بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض، ثم بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتخرّج عام 1964–1965 متخصصًا في العربية وعلوم الشريعة. وفي عام 1965 عُيّن مدرسًا في معهد إمام الدعوة لثماني سنوات، قبل انتقاله إلى كلية الشريعة أستاذًا مساعدًا سنة 1979 ثم مشاركًا سنة 1980، وواصل التدريس في المعهد العالي للقضاء، وشارك في عضوية مجالس علمية بعدد من الجامعات السعودية.
إرث ديني كبير
تولّى الإمامة والخطابة في جامع الشيخ محمد بن إبراهيم بدخنة في الرياض بعد وفاته عام 1969، ثم إمامة الجمعة في مسجد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، قبل أن ينتقل إلى جامع الإمام تركي بن عبدالله «الجامع الكبير» بالرياض، واشتُهر بخطب مسجد نمرة بعرفة منذ تعيينه إمامًا وخطيبًا فيه عام 1982. عُيّن عضوًا في هيئة كبار العلماء عام 1987، ثم عضوًا متفرغًا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عام 1991 بالمرتبة الممتازة. وفي 1995 صدر أمرٌ ملكي بتعيينه نائبًا للمفتي العام، ليتوّج مسيرته في 14 مايو 1999 بتعيينه مفتيًا عامًا للمملكة، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، ورئيسًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير، خلفًا لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز.
خلّف الشيخ مؤلفاتٍ ودروسًا وفتاوى في العقائد وأحكام الحلال والحرام، ومحاضرات وبرامج إذاعية وتلفزيونية، ستبقى مرجعًا لطالب العلم ودليلًا للمجتمع.
.