دراسة إسرائيلية تكشف :تحولات جذرية في السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا بقيادة الشرع

نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تحليلاً مطولاً يكشف عن تحولات لافتة في السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا، وذلك منذ وصول الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع إلى السلطة، حيث مرت العلاقات بين الطرفين بثلاث مراحل متتالية، شهدت تغيرات في الأسلوب والنهج، وصولاً إلى احتمال تطبيع سياسي وأمني غير مسبوق.
سياسة هجومية إسرائيلية شملت ضربات مكثفة في جنوب سوريا، خاصة ضد الأسلحة الاستراتيجية
المرحلة الأولى: الهجوم والعداء المفتوح في الأشهر الأولى بعد تولي الشرع الحكم، اتبعت إسرائيل سياسة هجومية عسكرية شملت ضربات مكثفة في جنوب سوريا، خاصة ضد الأسلحة الاستراتيجية، ورفعت مستوى التنسيق مع الأقليات، وعلى رأسهم الدروز. ترافقت هذه العمليات مع تصريحات نارية من مسؤولين إسرائيليين وصفوا الشرع بأنه "جهادي انتقل من إدلب إلى دمشق". كما قصفت إسرائيل مواقع حساسة بينها قاعدة "T4" ومحيط قصر الرئاسة، في رسالة واضحة مفادها أنها لن تتسامح مع أي تحرك سوري أو تركي قد يحد من حرية نشاطها العسكري في الأجواء السورية.
التهدئة والاتصال غير المباشر مع حلول أبريل ومايو 2025
المرحلة الثانية: التهدئة والاتصال غير المباشر مع حلول أبريل ومايو 2025، خففت إسرائيل من حدة ضرباتها الجوية وخفّضت لهجتها العدائية. بدأت تقارير تظهر عن اتصالات أولية بين الطرفين بوساطة إماراتية، إلى جانب حوار مع تركيا بوساطة أذربيجانية لتفادي التصادم العسكري في الشمال السوري.
المفاوضات المباشرة والتنسيق الأمني من مايو إلى يوليو 2025
المرحلة الثالثة: المفاوضات المباشرة والتنسيق الأمني من مايو إلى يوليو 2025، حدث تحول جذري، حيث بدأت إسرائيل وسوريا محادثات مباشرة، تجاوزت التنسيق الأمني المحدود. وشهدت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض إعلانًا ضمنيًا عن دعم أمريكي لتقارب سوري-إسرائيلي، تخللها لقاء مع الرئيس الشرع الذي لم يعارض الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، حسب مصادر إسرائيلية.
وتُوّجت هذه المرحلة بتصريح من رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أكد فيه وجود حوار مباشر مع دمشق، وأشار إلى أن سوريا ولبنان مرشحان للتطبيع الكامل.
سوريا بقيادة الشرع سمحت للطائرات الإسرائيلية باستخدام أجوائها في الهجمات على إيران
دور الحرب الإسرائيلية-الإيرانية في التغيير أثناء حرب الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران، حافظت سوريا بقيادة الشرع على حياد ملحوظ، بل وسمحت للطائرات الإسرائيلية باستخدام أجوائها في الهجمات على إيران، كما اعترضت منظوماتها الدفاعية صواريخ ومسيرات كانت موجهة نحو إسرائيل. هذا الموقف فسّره البعض على أنه تغاضٍ متعمد أو حتى تنسيق سري بين الطرفين.
الاحتضان الأمريكي للنظام السوري الجديد
أسباب التحول الإسرائيلي بحسب التحليل، جاء هذا التحول نتيجة الاحتضان الأمريكي للنظام السوري الجديد، وضغط ترامب على تل أبيب لإنهاء حرب غزة، مقابل انضمام دول إضافية إلى اتفاقيات أبراهام، من بينها سوريا. كما أن التقييم العسكري الإسرائيلي اعتبر أن استمرار النهج الهجومي قد يعزز المعارضة ضد الشرع داخل سوريا ويقود إلى تصعيد غير مرغوب فيه.
مصالح متبادلة ومخاوف قائمة تسعى إسرائيل لضمان جبهة شمالية هادئة، ومواجهة مشتركة لمحور إيران-حزب الله، وتعزيز مكانتها الإقليمية. فيما يطمح النظام السوري للاعتراف بشرعيته دولياً، ووقف الهجمات الإسرائيلية، والتعاون الاقتصادي مستقبلاً.
هشاشة النظام السوري، واحتمال انهياره أو فقدانه السيطرة مخاوف لدي إسرائيل
لكن المخاوف الإسرائيلية من هشاشة النظام السوري، واحتمال انهياره أو فقدانه السيطرة، ما زالت قائمة. وتدعو المحافل الأمنية الإسرائيلية إلى التعامل مع هذا الانفتاح بحذر، ووضع سيناريوهات متعددة لأي تطورات مفاجئة.
بينما تتطور المحادثات الإسرائيلية-السورية بخطى محسوبة، تبقى العديد من الملفات، خاصة قضية الجولان، محل تجاذب وصراع بين الرغبة في السلام والمخاوف من المخاطر. ومع ذلك، فإن الاتفاق الأمني الجزئي يبدو الأكثر واقعية في المرحلة الحالية، ويمهّد لتسوية شاملة في المستقبل، إذا ما ثبتت النوايا وتهيأت الظروف الإقليمية.