ترامب يقود صفقة كبرى لإنهاء حرب غزة وتوسيع اتفاقيات السلام وسط ضغوط أمريكية ومظاهرات إسرائيلية

للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، لم يعد الحديث عن هدنة مؤقتة، بل عن وقف كامل للحرب، في إطار صفقة استراتيجية كبرى تقودها الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتستهدف إنهاء القتال، إطلاق سراح الرهائن، وتحقيق اختراق واسع في مسار السلام مع الدول العربية.
ووفقًا لهيئة البث الإسرائيلية وصحيفة "إسرائيل اليوم"، فإن ترامب يمارس ضغوطًا غير مسبوقة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث بدأت هذه الضغوط قبل العملية العسكرية الأخيرة ضد إيران واستؤنفت فور انتهائها، بعد أن شعر ترامب أن نتنياهو يعرقل مخطط السلام لأسباب لا تُقنع واشنطن، خاصة بعد تنفيذ ضربات عسكرية عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار.
خطة من خمس نقاط لإنهاء الحرب وتوسيع السلام
بحسب المصادر، يدور الحديث عن صفقة استراتيجية كبرى تمت مناقشتها في محادثة رباعية ضمت ترامب، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ونتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وذلك عقب الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية.
الصفقة المقترحة تشمل خمس نقاط رئيسية وهي كالتالي:
-
إنهاء الحرب في غزة خلال أسبوعين، ونفي قيادات حماس المتبقية إلى دول أخرى مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
-
هجرة طوعية لسكان غزة إلى دول متعددة حول العالم، في إطار خطة إعادة توطين.
-
توسيع اتفاقيات إبراهيم لتشمل دولًا عربية وإسلامية جديدة، في مقدمتها السعودية وإندونيسيا والمغرب.
-
استعداد إسرائيل للبحث في حل الدولتين مستقبلاً، بشرط إجراء إصلاحات جذرية في السلطة الفلسطينية.
-
اعتراف أمريكي بضم محدود لمناطق من الضفة الغربية، ضمن تفاهمات أمنية.
ترامب يدفع باتجاه الحسم ويدافع عن نتنياهو
كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن ترامب أبدى انزعاجًا شديدًا من تباطؤ تنفيذ خطة السلام و تدخّل بشكل مباشر لتأجيل جلسة محاكمة نتنياهو المرتقبة حتى يتمكن الأخير من التفرغ لدفع المسار السياسي - حيث وصف ترامب استمرار الإجراءات القانونية ضد نتنياهو بأنها "تعطيل لمشروع استراتيجي عالمي".
لابيد يخرج عن الإجماع ويطالب بإنهاء الحرب
من جهته، خرج زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد عن الموقف الرسمي للحكومة، ودعا إلى إنهاء الحرب فورًا، قائلاً: "لقد دعمت هذه الحرب، لكنها لم تعد تعمل لصالحنا. حان وقت قرارات شجاعة"، مطالبًا بإبرام صفقة لإعادة الأسرى، وسحب الجيش من داخل القطاع، والتمركز حوله فقط.
احتجاجات متصاعدة ضد استمرار الحرب
وعقب انتهاء الضربات العسكرية ضد إيران ورفع القيود الأمنية، عادت المظاهرات إلى الشوارع الإسرائيلية بقوة، حيث تظاهر الآلاف مساء السبت في تل أبيب مطالبين بإنهاء الحرب على غزة، وإقالة حكومة نتنياهو. وكانت من بين المنظمات الداعمة للاحتجاج "إيما إيرا" (الأم اليقظة)، وهي مجموعة تضم أمهات الجنود الذين يخدمون داخل القطاع.
عضو الكنيست إفرات رايتن، والدة جندي في غزة، قالت خلال المظاهرة: "حان الوقت لإنهاء الحرب الآن. ليس أطفالنا من يدفع ثمن الفشل السياسي". وقد وقعت اشتباكات محدودة مع الشرطة، واعتُقل متظاهران.
نتنياهو يلمّح إلى المرحلة القادمة
في مقطع فيديو، لمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن الانتصار على إيران فتح فرصة تاريخية لتوسيع اتفاقيات السلام، داعيًا إلى "عدم تضييع لحظة"، في إشارة ضمنية إلى نية حكومته السير في مسار إنهاء الحرب وفق الرؤية الأمريكية.
صفقة على أعلى المستويات.. خارج القنوات التقليدية
بحسب مصادر دبلوماسية إسرائيلية - فإن الصفقة الجارية لا تُدار من قبل الوفود التفاوضية التقليدية، بل تتم بلورتها بين نتنياهو، ترامب، والمبعوث الخاص ويتكوف، مع دور محوري لوزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، في وقت ترفض فيه تل أبيب إرسال وفود للقاهرة أو الدوحة، رغم أن قطر تتحكم حاليًا بالمفاوضات المتعلقة بحماس.
ووفق نفس المصادر، فإن ما يجري الآن ليس مجرد صفقة تبادل أسرى بل اتفاق إقليمي شامل، يدمج بين الأبعاد الأمنية والسياسية والجيوستراتيجية، بهدف إنهاء الصراع في غزة، وتثبيت حضور أمريكي قوي في هندسة المشهد الجديد بالشرق الأوسط، مدفوعًا برغبة ترامب في تحقيق إنجاز دولي يعزّز من فرصه السياسية في المرحلة القادمة.
زيارة مرتقبة إلى واشنطن
وفي ختام هذه التحركات، يجري الترتيب لزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى البيت الأبيض، حيث أكدت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية كارولين ليفيت أن نتنياهو أبدى اهتمامه بزيارة واشنطن ولقاء الرئيس ترامب، لكن "لا يوجد موعد محدد حتى الآن"، وسط توقعات بأن الزيارة ستكون مفصلية في إعلان ملامح الصفقة الكبرى.
وبينما تتجه الأنظار إلى البيت الأبيض، فإن الأيام القادمة قد تحمل تحولات كبرى في مسار الصراع في غزة، في حال نجحت جهود ترامب ونتنياهو في تجاوز العقدة السياسية والعسكرية، وترجمة الرؤية الأمريكية إلى واقع جديد في الشرق الأوسط.