أبعاد قسري لا أكثر من 40 ألف فلسطيني بالضفة الغربية

كشفت تقارير الأمم المتحدة عن تنفيذ السلطات الإسرائيلية لعملية عسكرية ضخمة شمال الضفة الغربية، أحدثت أكبر موجة تهجير قسري منذ عقدين، إذ تم تهجير أكثر من 40 ألف فلسطيني من أربعة مخيمات رئيسية. وتشمل هذه المخيمات: مخيم جنين، مخيمي طولكرم ونور شمس في طولكرم، ومخيم الفارعة في طوباس، حيث تتركز العمليات العسكرية التي يقودها الجيش الإسرائيلي.
دمار واسع وتهجير جماعي
وفقًا لمصادر تقيم بالضفه يقوم الجيش الإسرائيلي بتدمير البنية التحتية والشوارع داخل هذه المخيمات، إلى جانب هدم عشرات المنازل، مما يؤدي إلى إجبار السكان على الخروج من منازلهم بالقوة. تعيد المشاهد المأساوية التي تشهدها المخيمات في شمال الضفة الغربية إلى الذاكرة تلك التي عانى منها قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، ما يزيد من مخاوف السكان من توسع نطاق عمليات التدمير والتهجير.
خطوات جديدة لإرساء سيطرة دائمة
وفي تطور مثير، أفادت قناة "إسرائيل 24" بأن القيادة الوسطى في الجيش الإسرائيلي تدرس إنشاء مواقع دائمة داخل مخيم جنين للاجئين. ومن المقرر أن تُقام هذه المواقع ضمن القاعدة العسكرية أو في الشوارع المحيطة، لفترة تجريبية تمتد لعدة أشهر. وتشمل الخطة تشكيل "كتيبة جنين" مخصصة للعمل داخل المخيم، بهدف تسريع وتيرة العمليات وتأمين السيطرة على المنطقة على المدى الطويل. ويعتبر هذا التوجه خطوة استراتيجية يرىها القادة على الأرض حلاً مستقبليًا لتأمين المخيم بعد انتهاء العملية.
أرقام مروعة وتداعيات إنسانية
أصدرت "أوتشا"، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تقريرًا مفصلًا عن نتائج هذه العملية، حيث أفادت بأن القوات الإسرائيلية قتلت 44 فلسطينيًا حتى تاريخ 13 فبراير/شباط، من بينهم 25 في جنين، و10 في طوباس، وتسعة في طولكرم. ومن بين القتلى في طولكرم، كانت هناك امرأة حامل في شهرها الثامن، مما يضيف بُعدًا مأساويًا لهذا الصراع.
مخيم جنين شبه خالٍ اليوم، فيما شهد مخيم نور شمس تهجيرًا شبه كامل
وأضاف التقرير أن أكثر من 40,000 فلسطيني تم تهجيرهم من المخيمات والمناطق المحيطة بها، حيث أصبح مخيم جنين شبه خالٍ اليوم، فيما شهد مخيم نور شمس تهجيرًا شبه كامل. ولا يزال الآلاف يفرّون من المخيمات الأربعة، التي تُؤوي أكثر من 76,000 لاجئ فلسطيني، مع توجيه معظم الأسر المهجرة إلى مدن جنين وطوباس ونابلس خلال الأسبوع الماضي.
تأثيرات اجتماعية وتعليمية
تفاقمت الأزمة الإنسانية بتعطل العملية التعليمية، إذ توقفت أنشطة نحو 100 مدرسة تديرها الأونروا في شمال الضفة الغربية منذ بدء العملية، إلى جانب إغلاق 13 مركزًا صحيًا يقدم خدمات أساسية للسكان. ومع تزايد معدلات التهجير، يواجه العائلات صعوبات بالغة في تحمل تكاليف الإيجار، حيث يقيم معظم المهجرين في مساكن مستأجرة. وقد تم تسجيل حوالي 100 أسرة في 6 مراكز إيواء عامة في طولكرم، و65 أسرة في مركزَي إيواء في جنين، بينما تجري خطط لإنشاء مراكز إيواء جديدة في مدرستين بجنين لمواجهة الحاجة المتزايدة.
استمرار العنف والاعتداءات
على خلفية هذه العملية العسكرية، لم تتوقف اعتداءات المستوطنين على السكان المدنيين الفلسطينيين. إذ أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بتعامل طواقمه مع 16 حالة إصابة جراء هجمات مستوطنين في منطقة المنيا ببيت لحم في جنوب الضفة الغربية، حيث تعرض الضحايا لحالات ضرب واستنشاق الغاز المسيل للدموع.
خلفية العملية وتوسعها
بدأت العملية العسكرية في مخيم جنين في 21 يناير/كانون الثاني، وأصبحت الآن في أسبوعها الرابع، مما يجعلها الأطول في الضفة الغربية منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي 28 يناير/كانون الثاني، توسعت العملية لتشمل مدينة طولكرم ومخيميها، بالإضافة إلى بلدة طمون ومخيم الفارعة في طوباس، حيث استمرت العمليات لما يقارب أسبوع و10 أيام.
كما أعربت منظمة اليونيسف في 12 فبراعن قلقها الشديد من تزايد أعداد الأطفال الذين يُقتلون أو يُصابون أو يُهجّرون في شمال الضفة الغربية، حيث قُتل 13 طفلًا على الأقل في الشهرين الأولين من عام 2025، من بينهم سبعة بعد انطلاق هذه العمليات.