«كارثة غير مسبوقة» في المغرب.. فيضانات آسفي تحصد 37 ضحية وتفتح ملف التغير المناخي والبنية التحتية
شهدت مدينة آسفي على الساحل الأطلسي المغربي، واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية خلال أكثر من عقد، بعدما تسببت فيضانات مفاجئة أعقبت هطول أمطار غزيرة في وفاة 37 شخصًا حتى الآن، وفق حصيلة رسمية جديدة أعلنتها السلطات المحلية، الإثنين، وسط استمرار عمليات البحث والإنقاذ.
حصيلة ثقيلة وضحايا تحت العلاج
وأفادت السلطات المحلية بمحافظة آسفي، في بيان رسمي، بأن 14 مصابًا لا يزالون يخضعون للعلاج داخل مستشفى محمد الخامس، من بينهم حالتيْن في العناية المركزة، بينما غادر باقي المصابين بعد تلقي الرعاية الطبية اللازمة.
وأكد البيان أن عمليات التمشيط الميداني والبحث والإسعاف لا تزال متواصلة تحسبًا لوجود ضحايا آخرين، إلى جانب تقديم الدعم والمساعدة للأسر المتضررة من الكارثة.
أعلى حصيلة منذ أكثر من 10 سنوات
وتُعد هذه الفيضانات الأكثر دموية في المغرب منذ أكثر من عقد، ما أعاد إلى الواجهة المخاوف المتزايدة من حدة الظواهر المناخية المتطرفة، خاصة في المدن الساحلية ذات البنية التحتية القديمة.
وشددت السلطات المحلية على ضرورة رفع مستوى اليقظة واعتماد أقصى درجات الحيطة والحذر، داعية المواطنين إلى الالتزام بإرشادات السلامة في ظل التقلبات الجوية الحادة التي تشهدها البلاد.

كيف تحولت الأمطار إلى سيول قاتلة؟
بحسب خبراء الأرصاد، فإن المغرب يشهد خلال فصل الخريف مزيجًا خطيرًا من العوامل المناخية؛ إذ ينخفض معدل الحرارة تدريجيًا، لكن التغير المناخي يبقي على مستوى مرتفع من بخار الماء المتبقي من فصل الصيف، وهو ما يؤدي إلى تشكّل سحب رعدية كثيفة قادرة على تفريغ كميات هائلة من الأمطار خلال وقت قصير.
وفي حالة آسفي، تحولت الأمطار الغزيرة إلى سيول جارفة خلال أقل من ساعة، ما فاق قدرة شبكات الصرف على الاستيعاب، وأغرق أحياء بأكملها.
مشاهد صادمة في شوارع المدينة
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر سيولًا من المياه الموحلة تجتاح شوارع آسفي، وتجرف السيارات والنفايات، وسط حالة من الذعر بين السكان.
كما أظهرت مشاهد أخرى ضريحًا غارقًا جزئيًا بالمياه، إلى جانب قوارب للوقاية المدنية وهي تستجيب لنداءات استغاثة من مواطنين حوصروا داخل منازلهم.
خسائر مادية واسعة
ووفق السلطات المحلية، فقد غمرت المياه ما لا يقل عن 70 منزلًا ومتجرًا في المدينة القديمة بآسفي، مع جرف عشر سيارات وتضرر أجزاء من الطرق، ما تسبب في اختناقات مرورية حادة وشلل جزئي للحركة داخل المدينة.
غضب وتساؤلات من السكان
وقال حمزة الشدواني، أحد سكان المدينة: «إنه يوم حزين، لم نشهد مثله من قبل»، بينما تساءل مروان تامر، أحد المتضررين: «لماذا لم تصل شاحنات شفط المياه في الوقت المناسب كما كانت تفعل سابقًا؟»، في إشارة إلى قصور الاستجابة الأولية.
جهود إنقاذ مستمرة ووضع استثنائي
ومع حلول المساء، بدأ منسوب المياه في الانحسار، كاشفًا عن مشهد ثقيل من الوحل والسيارات المقلوبة، فيما واصلت فرق الوقاية المدنية إزالة الأنقاض وتأمين المناطق التي لا تزال مغمورة.
وأكد مسؤولون محليون أن السلطات تعمل على تأمين الأحياء المتضررة وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، مع استمرار البحث عن مفقودين محتملين.

تاريخ طويل مع الفيضانات
وليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها المغرب كوارث مناخية مماثلة؛ ففي سبتمبر 2014 لقي 18 شخصًا حتفهم في فيضانات جنوب البلاد، بينما أسفرت فيضانات نوفمبر 2014 عن أكثر من 30 قتيلًا، وفي عام 1995 أودت فيضانات وادي أوريكا بحياة مئات الأشخاص.
غير أن كارثة آسفي 2025 تبدو الأشد قسوة، في وقت يعاني فيه المغرب من جفاف متواصل للعام السابع على التوالي، ما يعكس تناقضات مناخية حادة باتت تهدد الاستقرار البيئي والبشري.
تحذيرات مستقبلية
وكانت المديرية العامة للأرصاد الجوية قد حذرت، السبت، من أمطار غزيرة وعواصف رعدية في عدة أقاليم، إضافة إلى تساقط الثلوج على المرتفعات، مع توقعات باستمرار التقلبات الجوية خلال الأيام المقبلة.




