عزلة إسرائيل تتسع دوليًا بسبب مذابح غزة.. سلوفينيا تقاطع يوروفيجن وترفض مشاركة المسرح مع تل أبيب
في مشهد جديد يعكس اتساع دائرة العزلة الدولية المفروضة على إسرائيل على خلفية حرب الإبادة التي تشنّها على قطاع غزة، أعلنت سلوفينيا موقفًا ثقافيًا وسياسيًا لافتًا، تمثل في الانسحاب الرسمي من مسابقة الأغنية الأوروبية “يوروفيجن 2026”، احتجاجًا على السماح بمشاركة إسرائيل في الحدث الفني الأبرز بالقارة العجوز.
القرار السلوفيني لم يكن معزولًا عن السياق الدولي، بل جاء ضمن موجة متصاعدة من الغضب الشعبي والرسمي داخل أوروبا، حيث تتزايد الدعوات لمقاطعة إسرائيل ثقافيًا وفنيًا، بعد فشل الضغوط الدبلوماسية في وقف الحرب على غزة، التي خلّفت دمارًا غير مسبوق وخسائر بشرية هائلة.
موقف حاسم: لا مسرح واحد مع إسرائيل

رئيسة مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون في سلوفينيا، ناتالييا غورشاك، عبّرت بوضوح غير مسبوق عن موقف بلادها، مؤكدة رفضها التام مشاركة المسرح نفسه مع إسرائيل في مسابقة يوروفيجن 2026.
وقالت غورشاك:
«لا نستطيع مشاركة المسرح نفسه مع إسرائيل التي دمرت 92% من قطاع غزة، وقتلت أكثر من 20 ألف طفل، وأكثر من 250 صحفيًا».
وأضافت أن الحديث عن الموسيقى كقوة توحيد وسلام يفقد معناه بالكامل عندما يُطلب من مؤسسات ثقافية الوقوف إلى جانب ممثلي نظام متهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
قرار رسمي ورسالة أخلاقية
وكانت سلوفينيا قد أعلنت في 4 ديسمبر/كانون الأول انسحابها رسميًا من مسابقة يوروفيجن 2026، لتصبح من أوائل الدول الأوروبية التي تحوّل موقفها الأخلاقي إلى خطوة عملية واضحة.
وأكدت غورشاك أن هيئة الإذاعة السلوفينية، باعتبارها جهة بث عامة، ملزمة بقيم إنسانية لا يمكن التنازل عنها، مشددة على أن الفصل بين الفن والسياسة يصبح مستحيلًا حين يتعلق الأمر بجرائم موثقة بحق المدنيين.
غزة في قلب القرار السلوفيني
وأوضحت رئيسة الهيئة أن قرار المقاطعة جاء احترامًا لأهالي غزة، ولآلاف الضحايا من الأطفال والنساء والصحفيين، مؤكدة أن سلوفينيا اختارت الاصطفاف إلى جانب الضحايا لا الجناة.
وأضافت:
«نؤمن أن التاريخ سيُظهر أننا كنا على الجانب الصحيح».
من السياسة إلى الثقافة.. عزلة إسرائيل تتعمق
ويرى مراقبون أن انسحاب سلوفينيا من يوروفيجن لا يمثل مجرد موقف فني، بل تحولًا نوعيًا في أدوات الضغط على إسرائيل، حيث انتقلت العزلة من أروقة السياسة والدبلوماسية إلى ساحات الثقافة والفن، التي لطالما استخدمتها تل أبيب لتلميع صورتها عالميًا.
وتشير تقديرات إلى أن هذا القرار قد يفتح الباب أمام دول وهيئات بث أوروبية أخرى لإعادة النظر في مشاركتها بالفعاليات التي تتواجد فيها إسرائيل، في ظل تصاعد الاتهامات الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

سقوط شعار “الفن بعيد عن السياسة”
لطالما دافعت المؤسسات الأوروبية عن فكرة “تحييد الفن عن الصراعات السياسية”، إلا أن مشاهد المجازر في غزة، واستهداف الأطفال والمستشفيات والصحفيين، أسقطت هذا الشعار عمليًا، ودفعت قطاعات واسعة من الرأي العام الغربي إلى اعتبار الحياد تواطؤًا أخلاقيًا.
وبذلك، لم تعد عزلة إسرائيل مسألة سياسية فقط، بل أصبحت عزلة قيمية وأخلاقية تتجسد في انسحابات ومقاطعات متتالية، قد تعيد رسم موقعها داخل المشهد الدولي خلال السنوات المقبلة.




