الموقف المصري ثابت لا يتغيّر… القاهرة تُجدّد رفضها تقسيم غزة وتتمسك بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار
منذ اندلاع الأزمة في قطاع غزة، حافظت مصر على موقف ثابت وواضح، قائم على حماية وحدة الأراضي الفلسطينية، ومنع أي محاولات لفرض واقع جديد على القطاع يخالف القانون الدولي ويهدد الأمن الإقليمي. وفي أحدث تأكيد على هذا النهج الراسخ، شدّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على الرفض القاطع لأي حديث عن تقسيم قطاع غزة، مؤكدًا أن القاهرة لن تقبل بأي مخطط يمس هوية القطاع أو مستقبله السياسي.
رفض مصري مطلق لتقسيم غزة… “لا شرعية ولا قبول لأي مشروع ينتقص من وحدة الأرض”
أوضح وزير الخارجية أن مصر تتعامل مع الأزمة بوضوح كامل:
“نرفض رفضًا قاطعًا أي حديث عن تقسيم قطاع غزة، فهذا خط أحمر لا يمكن تجاوزه.”
ويأتي هذا التصريح في ظل تزايد الطروحات الدولية حول إنشاء مناطق عازلة أو تقسيم إداري للقطاع بعد انتهاء الحرب، وهي طروحات ترى فيها مصر خطورة بالغة لأنها تمهّد لتغيير ديموغرافي أو فرض واقع جديد بالقوة.
القاهرة: لا بديل عن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار
أكد عبد العاطي أن الجهود المصرية مركّزة بالكامل الآن على التسريع بتطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مشددًا على أنه “لا بديل عن ذلك الإطلاق”.
وبيّن الوزير المصري أن القاهرة تعمل من خلال قنوات دبلوماسية واسعة مع الولايات المتحدة وقطر والأمم المتحدة لضمان تنفيذ الاتفاق دون تعطيل.
وقال:
“لا مجال للتأخير… من الضروري منع أي عامل يمكن أن يعرقل أو يبطئ تنفيذ الخطة.”
ويكشف هذا الموقف تصميمًا مصريًا على إنهاء الحرب ومنع إسرائيل من استغلال الوقت لفرض معادلات جديدة على أرض الواقع.
ثقة مصر في الدور الأمريكي… ولكن بشروط واضحة
أشار عبد العاطي إلى أن مصر تمتلك “ثقة كاملة” في أن الولايات المتحدة—وخاصة إدارة الرئيس ترامب—ستلتزم بتطبيق الخطة التي شاركت القاهرة في إعدادها.
وأكد أن هذه الخطة ليست وثيقة نظرية، بل رؤية عملية قابلة للتنفيذ، وأن التواصل المصري–الأمريكي مستمر لضمان التنفيذ الكامل دون اجتزاء أو تأويلات.
لكن هذه الثقة المصرية لا تُخفي أيضًا إدراك القاهرة بأن أي تأخير أو تلاعب في التنفيذ قد يفتح الباب لمشاريع خطيرة مثل تقسيم القطاع، وهو ما ترفضه مصر بشدة.
على الأرض: اللجنة الإدارية المدنية خطوة انتقالية نحو إعادة السلطة الفلسطينية
كشف وزير الخارجية أن مصر تعمل على تشكيل لجنة إدارية مدنية في قطاع غزة تتولى تقديم الخدمات الأساسية للسكان، في خطوة تُعد تمهيدًا لمرحلة إعادة البناء وإعادة تنظيم الحياة المدنية داخل القطاع.
وأوضح أن اللجنة ليست بديلًا عن السلطة الفلسطينية، بل مرحلة انتقالية:
-
هدفها الأول: منع الفراغ الإداري
-
هدفها الثاني: إعادة توجيه النظام المدني إلى مؤسسات فلسطينية شرعية
-
النتيجة المرجوة: تسليم الصلاحيات للسلطة الفلسطينية بشكل منظم
وقال عبد العاطي:
“ينبغي أن تكون الشرطة الفلسطينية الكيان الوحيد المسؤول عن الأمن في غزة.”
هذا الموقف يتوافق مع الرؤية المصرية التاريخية التي تؤكد أن لا حلول خارج البيت الفلسطيني، ولا أمن إلا بإعادة السلطة الوطنية لمهامها.
القوة الدولية في غزة… ضرورة لا تحتمل التأجيل
فيما يخص النقاشات حول نشر قوة دولية داخل القطاع، كشف الوزير المصري أن الخلافات تتركز حول تحديد الصلاحيات بدقة، وليس حول مبدأ نشر القوة بحد ذاته.
وقال:
“يجب نشر القوة الدولية في أقرب وقت ممكن لمراقبة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.”
وترى مصر أن وجود قوة مراقبة دولية هو عنصر أساسي لضمان:
-
منع الانتهاكات
-
تثبيت الهدنة
-
الحفاظ على الاستقرار
-
منع إسرائيل أو أي طرف آخر من فرض وقائع جديدة
كما تعتبر القاهرة أن هذه القوة ستساعد في حماية السكان وتسهيل مرور المساعدات والإعمار.
ثبات مصري منذ بداية الأزمة… رؤية واضحة لا تتبدل
منذ الأيام الأولى للحرب، لم يتغير الموقف المصري قيد أنملة:
-
رفض التهجير القسري
-
رفض التقسيم أو المناطق العازلة
-
رفض أي وجود عسكري غير فلسطيني في غزة
-
دعم حل الدولتين
-
السعي لتثبيت وقف إطلاق النار
-
إعادة السلطة الفلسطينية للقطاع
-
إطلاق عملية إعادة الإعمار وفق رؤية فلسطينية خالصة
إن ثبات هذا الموقف لم يأتِ من فراغ، بل من إدراك القاهرة أن أي تغيير في الجغرافيا السياسية للقطاع سيشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، خاصة في سيناء والحدود الشرقية.
خلاصة تحليلية: مصر تحمي غزة وتحمي نفسها… وتمنع مشاريع التقسيم بكل الوسائل
يؤكد الخطاب المصري أن القاهرة ليست مجرد وسيط سياسي، بل ركيزة أساسية في استقرار الإقليم.
ومع استمرار التوترات، يزداد وضوح أن مصر:
-
قادرة على فرض قواعد الدبلوماسية
-
ملتزمة بحماية الوحدة الفلسطينية
-
تضع خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها
-
وتعمل بفاعلية للحيلولة دون تقسيم غزة أو إدخالها في مشاريع مجهولة الهوية
وفي وقت تتعدد فيه المبادرات الدولية، يبقى الموقف المصري هو المرجع الأكثر ثباتًا وانضباطًا ورؤيةً منذ بداية الأزمة وحتى اليوم.
















