خلاف إماراتي–إيراني يعود للواجهة… مستشار المرشد الأعلى يصعّد ضد بيان مجلس التعاون الخليجي ويهاجم أبوظبي بلهجة غير مسبوقة
عاد التوتر في العلاقات الإماراتية–الإيرانية إلى الواجهة مجددًا، بعد تصريحات نارية أطلقها علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية، هاجم فيها بشكل واضح البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الثلاث وحقل الغاز أرش/الدرة، مؤكدًا أن طهران لن تتراجع عن مواقفها “التاريخية” مهما كانت الضغوط.
تصعيد من قلب طهران… ولايتي: الجزر الثلاث وأرش “جزء ثابت من إيران”
في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية، أعلن ولايتي أن جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، إضافة إلى حقل أرش الغازي، تمثل “جزءًا ثابتًا وغير قابل للنزاع من الأراضي الإيرانية”، معتبرًا أن البيانات الصادرة عن دول الخليج “سياسية وإعلامية لا تغيّر من الواقع شيئًا”.
هذا الموقف المتشدد يعكس رؤية النظام الإيراني للجزر الثلاث، التي تُعدّ جوهر الخلاف التاريخي بين إيران والإمارات منذ عام 1971، حين سيطرت طهران على الجزر بالقوة في الأيام الأخيرة قبل انسحاب بريطانيا من الخليج.

خلفية الخلاف… جزر متنازع عليها وصراع على واحدة من أهم حقول الغاز في المنطقة
الجزر الثلاث:
-
أبو موسى
-
طنب الكبرى
-
طنب الصغرى
تقع عند مدخل مضيق هرمز، وهو أحد أهم الممرات الملاحية بالعالم، مما يجعل السيطرة عليها ذات أهمية استراتيجية قصوى.
أما حقل أرش/الدرة فهو حقل غاز ضخم في الخليج العربي تتشارك الإمارات والسعودية في تطويره، بينما تصر إيران على أنه يقع ضمن نطاقها البحري، ما ولّد سلسلة أزمات دبلوماسية استمرت لعقود.
خلال السنوات الأخيرة، برزت بوادر تقارب حذر بين إيران والإمارات، خاصة بعد اتفاق السعودية وإيران في بكين عام 2023، لكن الخلافات السيادية بقيت دون حل، وهو ما ظهر اليوم بوضوح في تصعيد ولايتي الأخير.
ولايتي يتهم الإمارات بغياب “مبادئ حسن الجوار”
في تصعيد إضافي، قال ولايتي إن الإمارات تنتهج سياسات لا تنسجم مع مبادئ حسن الجوار، في إشارة إلى البيانات الخليجية المتكررة التي تؤكد ضرورة عودة الجزر الثلاث إلى السيادة الإماراتية أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية.
ويعتبر هذا الاتهام امتدادًا للخطاب الإيراني الذي يرى في التحركات الخليجية “محاولات للضغط السياسي عبر التحالفات الإقليمية”، خصوصًا مع ازدياد التنسيق بين الإمارات والسعودية والولايات المتحدة في ملفات الطاقة والأمن البحري.
هجوم مباشر على مجلس التعاون: “تكرار المواقف لا يخدم استقرار المنطقة”
أبدى ولايتي استياءً واضحًا من تكرار بيانات مجلس التعاون الخليجي التي تؤكد دعم الإمارات في قضية الجزر، معتبرًا أن إصرار المجلس على هذه المواقف “لن يؤدي إلى استقرار المنطقة” وأنه “يعيد تدوير أخطاء قديمة لا تخدم أحدًا”.
وقال ولايتي إن المجلس “ينبغي أن يركز على التعاون الحقيقي بدل الشعارات”، في إشارة إلى مطالبة إيران المستمرة بإبقاء ملف الجزر خارج أي إطار جماعي أو دولي، واعتماده على مفاوضات ثنائية “شريطة الاعتراف بالسيادة الإيرانية”.
إيران تلوّح بالحوار… وتلوّح بالقوة أيضًا
رغم لغة التصعيد، حاول ولايتي إبقاء نافذة الدبلوماسية مفتوحة، إذ قال إن إيران “متمسكة بالحوار والتعاون الإقليمي”، لكنه استدرك:
“ستقف إيران بحزم أمام أي مساس بسيادتها أو حقوقها التاريخية.”
وهو ما يعكس المعادلة الإيرانية التقليدية: التفاوض ممكن… لكن دون تقديم أي تنازل سيادي.
هل نحن أمام مرحلة جديدة من التوتر؟
يرى مراقبون أن تصريح ولايتي يُعدّ مؤشرًا على عودة التوتر الإقليمي حول ملفي الجزر وحقل أرش، خصوصًا مع:
-
تزايد التعاون بين الإمارات والسعودية في تطوير الحقل.
-
التوتر بين إيران والغرب بسبب الملف النووي.
-
تصاعد الخلافات حول أمن الملاحة في الخليج.
-
إعادة تموضع إيران إقليميًا بعد الحرب في غزة وتصاعد التوتر البحري.
هذه العوامل مجتمعة قد تدفع هذا الخلاف القديم إلى الواجهة من جديد، مما يضع المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة، بين العودة إلى الحوار أو التصعيد السياسي وربما الميداني.
















