حماس بين خيارين أحلاهما مر: ورقة ترامب على الطاولة

تعيش حركة حماس واحدة من أعقد لحظاتها السياسية والعسكرية منذ تأسيسها، بعدما وُضعت أمام خطة السلام الأمريكية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب مؤخرًا، والتي حملت بنودًا صريحة تستهدف إنهاء نفوذها العسكري وإقصاء قادتها إلى الخارج. وبينما يبدو أن الرفض يعني مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل، فإن القبول لا يقل خطورة، إذ يهدد بتفكيك بنية الحركة وشرعيتها أمام قواعدها.
من يتخذ القرار داخل حماس؟
تشير مصادر إسرائيلية إلى أن القرار النهائي يُصاغ في غزة أولاً ثم يُنقل إلى قطر، أي أن مركز الثقل الفعلي بيد القيادات العسكرية الميدانية، وليس الوسطاء السياسيين في الخارج. ويبرز هنا اسم رائد سعد، أحد أبرز قادة الجناح العسكري، الذي تضعه إسرائيل في الصف الأول إلى جانب يحيى السنوار ومحمد الضيف، والذي لعب دورًا محوريًا في تطوير عقيدة القتال داخل الحركة.
سيرة رائد سعد ودوره الحالي
يُنظر إلى سعد على أنه شخصية محورية بعد اغتيال العديد من قادة الصف الأول، وهو الناجي من محاولة اغتيال إسرائيلية في يونيو 2024 خلال غارة على مخيم الشاطئ. تقارير متعددة تؤكد أنه كان ضالعًا في عملية 7 أكتوبر، ما يجعله اليوم أحد الأسماء الأكثر تأثيرًا في تحديد مستقبل القرار داخل حماس، بين الاستمرار في القتال أو التوجه نحو تسوية سياسية.
حسابات القبول: وقف نار مقابل نزع السلاح
قبول الخطة يعني وقفًا فوريًا لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، إلى جانب انفراجة إنسانية في غزة. لكن في المقابل، يتضمن القبول تجريد حماس من سلاحها وإبعاد قادتها، وهو ما يمثل خسارة استراتيجية كبيرة للحركة، وربما يضعها أمام أزمة شرعية داخلية أمام أنصارها.
حسابات الرفض: تصعيد وعزلة
أما الرفض، فيمنح إسرائيل ذريعة لتصعيد عسكري أكبر بدعم أمريكي معلن. كما قد يؤدي إلى عزلة سياسية ومالية، خاصة في ظل تهديد ترامب بسحب الغطاء الأمريكي عن إسرائيل إذا لم توافق حماس على الخطة. وهكذا، يصبح الرفض بمثابة انتحار سياسي وعسكري طويل الأمد.
المهل الزمنية والضغوط الدولية
وضعت إدارة ترامب مهلة قصيرة لا تتجاوز 4 أيام لرد حماس على الخطة، ما يضاعف من الضغوط الإقليمية والدولية عليها. في هذا السياق، تلعب قطر ومصر وتركيا دورًا محوريًا في محاولة إقناع الحركة بالموافقة، مع الإشارة إلى أن بعض العواصم العربية ترى في هذه اللحظة فرصة لإنهاء الحرب وتثبيت وضع جديد في غزة.
الحركة أمام معادلة صفرية: القبول يهدد وجودها العسكري، والرفض يفتح جحيم المواجهة مع إسرائيل.
بين "نعم" و"لا" تتأرجح خيارات حماس، لكن لا أحد يجادل أن الحركة أمام معادلة صفرية: القبول يهدد وجودها العسكري، والرفض يفتح جحيم المواجهة مع إسرائيل. الساعات المقبلة ستكون حاسمة، والقرار سيخرج من غزة قبل أن يُترجم في الدوحة، ليحدد مستقبل الحركة، وربما مستقبل القضية الفلسطينية بأسرها.