ثورة في صحراء مصر”.. مشروع قناة السكر بدعم صيني وتمويل إماراتي ينهي استيراد السكر نهائيًا

أعلن السفير الصيني بالقاهرة، لياو لي تشيانغ، عن تطورات جديدة في مشروع "قناة السكر"، الذي ينمو بصمت في صحراء محافظة المنيا بفضل تعاون ثلاثي يجمع بين مصر، الصين، والإمارات.
وفي تغريدة على منصة "إكس"، وصف السفير المشروع بـ"ثورة حلوة ذات مغزى عميق"، مشيرًا إلى أنه يشكل نموذجًا للتعاون الدولي في مجالات الزراعة المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، ويجسد تقاطع مبادرة الحزام والطريق الصينية مع خطة مصر الطموحة لتحويل الأراضي الصحراوية إلى مساحات زراعية منتجة.
تفاصيل المشروع: زراعة 119 ألف فدان وبناء مصنع بطاقة ضخمة
المشروع يهدف إلى تحويل نحو 119 ألف فدان) من الأراضي الصحراوية في جنوب مصر إلى حقول مزروعة ببنجر السكر عالي الإنتاجية، وهو ما يمثل واحدة من أكبر عمليات الاستصلاح الزراعي في المنطقة.
وإلى جانب التوسع في الزراعة، يتضمن المشروع بناء مصنع حديث لإنتاج السكر بطاقة تصل إلى 900 ألف طن سنويًا، وهو ما سيشكل إضافة محورية لقدرات مصر الإنتاجية في هذا القطاع الحيوي.
توزيع الأدوار بين مصر والصين والإمارات
بحسب ما أوضح السفير الصيني، فإن الإمارات تضطلع بتمويل المشروع بالكامل، بينما تقوم مصر بتوفير الأرض والبنية التحتية، وتقدم الصين التكنولوجيا الزراعية المتقدمة والخبرات الفنية الضرورية لتنفيذ المشروع بأعلى كفاءة.
ويمثل هذا التعاون نموذجًا عمليًا للاستثمارات الإنتاجية المستدامة، بعيدًا عن الطابع الريعي، ويرسّخ لمبدأ التكامل في الشراكات التنموية الدولية.
أهمية المشروع لمصر: خطوة نحو الاكتفاء الذاتي
بحسب البيانات الرسمية، يبلغ إنتاج مصر الحالي من السكر حوالي 2.8 مليون طن سنويًا، مقابل استهلاك يصل إلى أكثر من 3.3 مليون طن، مما يضطر البلاد إلى استيراد ما يفوق 500 ألف طن سنويًا لتغطية الفجوة، بتكلفة قاربت مليار دولار في عام 2024، بزيادة 37.3% عن عام 2023.
وشملت واردات مصر من السكر الخام نحو 889.44 مليون دولار من البرازيل فقط، إلى جانب نحو 54.6 مليون دولار من السكر الأبيض. وتشير هذه الأرقام إلى العبء الكبير على الميزان التجاري، وأهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ومع بدء تشغيل مصنع "قناة السكر"، من المتوقع أن تتخلى مصر كليًا عن استيراد السكر، بما يعزز الاحتياطي النقدي ويدعم الأمن الغذائي، إضافة إلى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة لأبناء الصعيد.
دعم استراتيجي وتحول زراعي شامل
هذا المشروع لا يُعَد مجرد مشروع زراعي أو صناعي، بل هو جزء من رؤية وطنية متكاملة لتحويل الصحراء المصرية إلى مناطق منتجة، وخلق نهضة اقتصادية زراعية تنقل البلاد إلى مصاف الدول القادرة على تلبية احتياجاتها الحيوية من المحاصيل الاستراتيجية.
ويُعزز المشروع أيضًا من قدرة مصر على مواجهة تقلبات السوق العالمية، خاصة مع تكرار الأزمات الغذائية وارتفاع أسعار السكر في السوق الدولي، وهو ما يؤكد أهمية هذا التوجه نحو الإنتاج المحلي.
مبادرة الحزام والطريق في قلب المنيا
السفير الصيني أكد أن المشروع يجسد روح "مبادرة الحزام والطريق" التي تقودها بكين، عبر مشاريع تنموية حقيقية على الأرض، بعيدًا عن الدعاية والشعارات.
ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه مصر لاستقطاب استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، في إطار خططها لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
نموذج للتعاون الثلاثي بين مصر والصين والإمارات
مشروع "قناة السكر" في المنيا هو نموذج فريد للتعاون الثلاثي بين مصر والصين والإمارات، يتجاوز مجرد الزراعة أو الصناعة، ليجسد تحولًا في استراتيجية التنمية الوطنية. ومع نجاح المشروع، تدخل مصر عهدًا جديدًا من الاكتفاء الذاتي والتقليل من الاعتماد على الاستيراد، وهو ما سيصبّ مباشرة في مصلحة الاقتصاد المصري والتنمية المحلية.