ليبيا تنتفض .. مظاهرات حاشدة في بنغازي ومدن الشرق تطالب بانتخابات رئاسية فورية دون تأجيل
شهدت مدينة بنغازي وعدد من مدن الشرق الليبي والجنوب مظاهرات شعبية ضخمة للمطالبة بالإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية دون أي تأجيل أو مماطلة، في وقت تتزايد فيه الضغوط على الطبقة السياسية لإنهاء الانقسام والانطلاق نحو مرحلة جديدة من الاستقرار والشرعية.
حشود ضخمة في بنغازي ومدن الجنوب
وتحولت شوارع مدينة بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، إلى ساحة للاحتجاجات السلمية التي شارك فيها آلاف المواطنين، وسط تواجد أمني خفيف وإشراف من لجان تنظيم شعبية حرصت على تأمين المظاهرات وضمان سلميتها. كما امتدت رقعة التظاهر إلى مدن الجنوب مثل سبها وأوباري، بالإضافة إلى بني وليد وسرت، حيث رفع المتظاهرون لافتات تطالب بضرورة "إجراء الانتخابات الآن" و"إنهاء المرحلة الانتقالية".
وشدد المحتجون على أن التأجيل المتكرر للانتخابات يكرّس حالة الانقسام المؤسساتي ويمنع البلاد من الدخول في مرحلة استقرار سياسي واقتصادي طال انتظارها. واعتبروا أن الانتخابات تمثل الخيار الوحيد لإعادة الشرعية إلى مؤسسات الدولة وإعطاء الشعب الكلمة الفصل في تقرير مصيره.

رسالة الشعب: لا للتأجيل ولا للمساومة
وأكدت لجان تنظيم التظاهرات في بيانات متفرقة أن الرسالة الأساسية لهذا الحراك الشعبي هي التمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت، ورفض أي صيغ توافقية أو تفاهمات سياسية تؤدي إلى مزيد من المماطلة أو تدوير السلطة بين الأطراف الحالية.
ودعت اللجان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى الإسراع في الإعلان عن موعد واضح ونهائي للانتخابات، كما طالبت البعثة الأممية والمجتمع الدولي بعدم التواطؤ مع القوى التي تعرقل المسار الديمقراطي، بل دعم خيار الشعب الليبي في اختيار قيادته عبر صناديق الاقتراع.
رفض التدخلات والتمسك بالشرعية الانتخابية
ورفع المتظاهرون شعارات تنادي بضرورة احترام إرادة الشعب الليبي، وعدم السماح للأطراف الأجنبية أو الميليشيات المسلحة بالتدخل في العملية السياسية، مؤكدين أن الانتخابات هي الحل الوحيد للخروج من دوامة العنف والانقسام.
وفي تصريحات لعدد من المشاركين، شددوا على أن المشاركة الشعبية الواسعة في هذه التظاهرات هي تعبير واضح عن تعطش الليبيين للسلام والشرعية، وهي رسالة قوية لكل من يحاول عرقلة هذا المسار أو إعادة البلاد إلى مربع الفوضى.
خلفية سياسية معقدة

وتأتي هذه التظاهرات في ظل استمرار حالة الانسداد السياسي بين المؤسسات الليبية، وعلى رأسها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث فشل الطرفان في التوافق على قاعدة دستورية تنظم الانتخابات، رغم الوساطات الدولية المتكررة.
كما يتزامن الحراك الشعبي مع تصاعد الضغوط الأممية لعقد اجتماع جديد بين الفرقاء الليبيين برعاية دولية، في محاولة لإعادة إحياء المسار الانتخابي الذي تعطل أكثر من مرة بسبب الخلافات القانونية والسياسية.
هل تنجح الشوارع فيما فشل فيه السياسيون؟
يبقى السؤال الأبرز الآن: هل تنجح الإرادة الشعبية في فرض الانتخابات على الأطراف الممسكة بزمام السلطة؟ أم أن البلاد ستدخل في جولة جديدة من التأجيل والمناورات السياسية؟
ما هو مؤكد أن الشارع الليبي لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار، وأن رسالته كانت واضحة في بنغازي وسرت وبني وليد: لا بديل عن الانتخابات، ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب.




