حماس بين التمسك بالسلطة والبحث عن مخرج سياسي.. مراجعات داخلية تكشف خلافات عميقة حول مستقبل الحركة والقضية الفلسطينية
كشفت مصادر داخل حركة حماس عن نقاشات عاصفة تدور خلف الكواليس، تشير إلى أن قيادة الحركة تفكر في مستقبلها السياسي بعد حرب استمرت عامين منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، ولكن بصورة تُظهر تمسّكًا واضحًا بالسلطة والحكم أكثر من تمسكها بالمصلحة الوطنية العليا والقضية الفلسطينية نفسها.
حماس تبحث عن “مخرج سياسي” لا عن تغيير نهجها
وبحسب مصادر رفيعة داخل الحركة تحدثت لصحيفة الشرق الأوسط، فإن بعض قيادات حماس في الداخل والخارج تقدموا بورقة سياسية تطالب بإنشاء حزب سياسي على غرار الأحزاب الإسلامية الوطنية في الإقليم، بهدف “البقاء في المشهد السياسي” حتى لو تغيرت الظروف، وبما يضمن استمرار نفوذ الحركة داخل المؤسسات الفلسطينية.
وتشير الورقة إلى ضرورة المشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية بعد إعادة هيكلتها، والانفتاح على الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، وفتح قنوات اتصال سياسية لحماية وجود الحركة في الفترة المقبلة—في خطوة يرى مراقبون أنها محاولة للحفاظ على نفوذها بصرف النظر عن انعكاس ذلك على القضية الفلسطينية.
السلطة أولاً.. والسلاح لاحقًا؟
ورغم الضغوط الدولية المتصاعدة على حماس للتخلي عن الحكم في غزة وتسليم السلطة لجهة فلسطينية مشتركة، ترفض الحركة هذا الطرح حتى الآن. بل تشير المصادر إلى أنها تناقش كيفية الجمع بين العمل السياسي والاحتفاظ بالسلاح في الوقت نفسه.
وأكد قيادي بارز في حماس أن المقترح المطروح لا يتضمن التخلي عن سلاحها، بل يتعلق بضرورة “مجاراة التحولات السياسية في الإقليم” لحماية الحركة من الإقصاء، خصوصًا بعد الاغتيالات التي طالت قادتها وتبعات اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار.
ويجري، وفق المصادر، بحث ملف السلاح في لقاءات غير مباشرة مع مصر وقطر وتركيا وحتى الولايات المتحدة، على أن يكون أي اتفاق بشأن السلاح فلسطيني–فلسطيني وليس بضغط خارجي.
نقاشات داخلية.. لكنها لا تمس الأزمة الحقيقية
الوثيقة السياسية التي يجري تداولها داخل الحركة تمثل—بحسب مراقبين—توجهاً يركز على مستقبل حماس ككيان سياسي أكثر من تركيزه على مستقبل القضية الفلسطينية التي تواجه أخطر منعطف في تاريخها.
فبينما يتحدث العالم عن ضرورة توحيد الضفة وغزة وتهيئة مرحلة سياسية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، تظهر النقاشات داخل حماس وكأنها تدور حول كيفية الحفاظ على قوتها، وموقعها، ونفوذها، بغض النظر عن المصلحة الوطنية العليا.
الضغوط الدولية: الخروج من الحكم شرط للاستقرار
تؤكد مصادر فلسطينية أن حماس تواجه ضغوطًا كبيرة من دول داعمة لها ومن أطراف دولية، تطالبها بالتخلي عن الحكم في غزة ونزع السلاح تمهيدًا لاتفاق شامل يُعيد العملية السياسية إلى مسارها الصحيح.
كما يشير مشروع القرار الأمريكي الأخير الذي اعتمده مجلس الأمن إلى ترتيبات خطيرة مثل فصل غزة عن الضفة، ما يجعل تمسك حماس بالسلطة مسألة تعقّد المشهد الفلسطيني بدلًا من حله.
حماس أمام مفترق طرق
الورقة المُسربة تكشف أن الحركة تناقش مستقبلها في ظل واقع جديد تشكل بعد الحرب، ولكنها—حتى اللحظة—لم تُظهر أي استعداد فعلي للتحول من حركة مسلحة تُسيطر على قطاع غزة بالقوة منذ 2007 إلى كيان سياسي مدني يخضع لرؤية وطنية مشتركة.
ويرى خبراء أن أي مراجعات لا تتضمن التخلي عن الحكم الأحادي في غزة، وتسليم السلطة إلى جسم فلسطيني موحّد، ستبقى مجرد محاولات لحماية التنظيم، لا لحماية القضية الفلسطينية.
مصلحة التنظيم تتقدم على مصلحة الشعب والقضية
الوثائق المسربة من داخل حماس تكشف صراعًا داخليًا بين من يريد التحول السياسي لحماية الحركة، وبين واقع دولي يطالبها بالتخلي عن السلطة من أجل إنقاذ القضية الفلسطينية.
ومع استمرار تمسك الحركة بالحكم وسلاحها، يبدو أن صالح التنظيم لا يزال يتقدم على صالح الشعب والقضية، في مرحلة يُفترض فيها أن يكون العكس تمامًا.








