مصر تُجدد استيراد القمح: نحو 500 ألف طن خلال ديسمبر – يناير ضمن سياسة تنويع المصادر
أعلن جهاز «مستقبل مصر» أنه تعتزم مصر شراء نحو 500 ألف طن قمح على أن تُسلم هذه الكمية خلال شهري ديسمبر ويناير، في موجة مشتريات نشطة من الحبوب في إطار استراتيجية الدولة لسد احتياجاتها الغذائية الأساسية.
خلفية الجهاز ودوره الجديد
جهاز «مستقبل مصر للتنمية المستدامة» هو الجهة الحكومية التي تولّت منذ أواخر عام 2024 مسؤولية المشتريات الحكومية للحبوب والسلع الاستراتيجية في مصر، بديلًا لـ الهيئة العامة للسلع التموينية التي كانت تتحمّل هذا العبء سابقًا.
ويتبع الجهاز – بحسب تقارير – للقوات المُسلّحة المصرية، وقد تم تشكيله بمرسوم رئاسي عام 2022 ليكون ذراعًا تنموياً يشمل عدة قطاعات، منها استيراد الحبوب.

تفاصيل الصفقة ومصادر القمح
بحسب البيان، فإن الكمية المقترحة للتوريد خلال ديسمبر ويناير تتوزّع على النحو التالي:
-
نحو 200 ألف طن من روسيا.
-
نحو 150 ألف طن من بلغاريا.
-
أكثر من 130 ألف طن من أوكرانيا.
ورغم أن التصريحات لم تفصّل بالكامل جميع أوجه الصفقة (من حيث السعر، ميناء التوريد، موعد الشحن الدقيق)، إلا أنها تُعدُّ مؤشراً واضحاً على تعميق مصر علاقة التوريد مع دول منطقة البحر الأسود ودول شرق أوروبا.
لماذا هذه الكمية الآن؟
-
مصر تُعدّ من أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تُقدّر احتياجاتها السنوية بما يقارب 13 مليون طنّ في موسم 2025-2026، بحسب تقديرات وزارة الزراعة الأميركية.
-
الإنتاج المحلي من القمح لا يغطي سوى نحو 9.3 مليون طن، بينما الاستهلاك يصل إلى نحو 20.4 مليون طن سنوياً، مدفوعاً بنمو السكان (أكثر من 107 مليون نسمة).
-
هذا يعني أن الدولة بحاجة ماسة لضخ واردات كبيرة تكفي للفجوة الكبيرة في الإنتاج والاستهلاك، لا سيما في برنامج الخبز المدعوم الذي يقع تحت عبء الميزانية الحكومية.
دلالة التغيّر في آليات الاستيراد
من الملاحظ أن جهاز مستقبل مصر اتّجه إلى صفقات شراء مباشرة وتنويع المصادر بدلاً من الصفقات التقليدية والمناقصات المفتوحة التي كانت تعتمدها الهيئة العامة للسلع التموينية.
ويرى مراقبون أن هذا الانتقال يعكس رغبة الحكومة في:
-
تحسين سرعة التوريد وإزالة المعوقات البنيوية.
-
تقليل الاعتماد على وسطاء وتقليص تكلفة الاستيراد.
-
مواجهة تذبذبات الأسعار العالمية وارتفاعات السوق من خلال تنويع الدول المُورّدة.
التحديات والفرص
الفرص:
-
ضمان مخزون استراتيجي يكفي بداية فصل الشتاء والموسم التالي.
-
تعزيز الأمن الغذائي في مصر من خلال تنويع الموردين.
التحديات:
-
تقلبات السوق العالمية (أسعار، شحن، تأخرات لوجستية).
-
اعتماد كبير على استيراد القمح قد يعرض البلاد لمخاطر استيرادية (عملة، النقل، مخزون).
-
خبرة الجهاز الجديد: بعض المتعاملين لاحظوا أن «مستقبل مصر» ما زال في طور بناء البنية التحتية للمشتريات على نطاق دولي.
تحوّل استراتيجي في منظومة استيراد مصر
إن إعلان جهاز مستقبل مصر عن شراء نحو 500 ألف طن قمح في ديسمبر ويناير ليس مجرد صفقة عادية؛ إنه مؤشر على تحوّل استراتيجي في منظومة استيراد مصر، وفي سياق جهد الدولة لتأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية في ظل سياسات ودوافع متعددة – اقتصادية، سكانية، وتحفيزية. ولعل ما سيحدد نجاح تلك الخطوة هو التنفيذ الفعلي، والخروج من مجرد تصاريح وعناوين إلى شحنات وتسليم فعلي يحقّق الأهداف المرجوة.

















