ألمانيا تعلن تكثيف عودة السوريين إلى بلادهم.. تركيز على المجرمين وتشجيع العودة الطوعية
أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، اليوم الثلاثاء، أن برلين تعتزم تكثيف عملية إعادة المواطنين السوريين إلى بلادهم، في خطوة قالت الحكومة إنها تهدف إلى دعم جهود إعادة الاستقرار في سوريا بعد أكثر من عقد على الحرب الأهلية.
وجاءت تصريحات الوزير الألماني خلال مؤتمر صحفي مشترك في برلين مع نظيره النيجيري يوسف توغار، حيث شدد على أن ألمانيا "لن تتهاون في التعامل مع من يشكلون تهديدًا للأمن"، موضحًا أن الأولوية ستكون لإعادة المجرمين ومن صدرت بحقهم أحكام قضائية.
برلين: لا ترحيل قسري للسوريين
وأكد فادفول أن بلاده لا تعتزم تنفيذ عمليات ترحيل قسري جماعي للسوريين المقيمين في ألمانيا، موضحًا أن "الحديث يدور فقط عن إعادة من ارتكبوا جرائم خطيرة أو يمثلون خطرًا على الأمن العام"، بينما سيتم تشجيع الآخرين على العودة طوعًا من خلال برامج دعم مالي وإرشادي تديرها الحكومة بالتعاون مع المنظمات الإنسانية.
وأضاف الوزير الألماني:
"الهدف هو أن يشارك السوريون بأنفسهم في إعادة إعمار وطنهم عندما تسمح الظروف بذلك. إن عودة الاستقرار في سوريا تتطلب مساهمة أبنائها في الداخل، وهذا ما نحاول تشجيعه".
تنسيق أمني وعودة محدودة
وأشار فادفول إلى أن العملية تُدار بتنسيق مباشر بين وزارة الخارجية والجهات المختصة بشؤون الهجرة والأمن، لافتًا إلى أن عدد المشمولين بالترحيل الأولوي لا يزال محدودًا، لكن الحكومة "تتوقع تحقيق نتائج ملموسة خلال الفترة المقبلة".
ونقلت وسائل إعلام ألمانية أن المناقشات تشمل أيضًا إمكانية إعادة بعض المهاجرين إلى سوريا وأفغانستان، غير أن الوزير أوضح أن أي خطوة من هذا النوع ستكون "خاضعة لتقييم الوضع الأمني في تلك الدول وتوصيات الاتحاد الأوروبي".
خلفية أمنية وتزايد القلق الداخلي
وأفادت صحيفة "فيلت" (Welt) الألمانية أن التقارير الأمنية الأخيرة أظهرت ارتفاعًا في عدد المشتبه بهم من المهاجرين في قضايا العنف خلال عام 2024، مع تصدّر السوريين القائمة من حيث الأرقام المطلقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الارتفاع زاد من الضغوط السياسية على الحكومة الفيدرالية من جانب أحزاب المعارضة، التي تطالب بخطة واضحة لترحيل المهاجرين الذين يخرقون القانون أو يهددون الأمن.

دعم مالي للعودة الطوعية
وكان المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، ستيفان شنيك، قد أعلن في وقت سابق من أبريل الماضي، أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) بدأ منذ 13 يناير تنفيذ برنامج دعم مالي لتحفيز اللاجئين السوريين على العودة الطوعية إلى وطنهم.
ويتضمن البرنامج تغطية تكاليف السفر وتقديم دعم مالي يصل إلى آلاف اليوروهات للأسر، إلى جانب تسهيلات في عملية التنسيق مع المنظمات العاملة داخل سوريا.
خطوة سياسية مثيرة للجدل
تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه ألمانيا نقاشًا سياسيًا حادًا حول ملف اللاجئين والمهاجرين، خاصة بعد ارتفاع الأصوات المطالبة بإعادة تقييم سياسات اللجوء.
ويرى مراقبون أن إعلان الخارجية الألمانية يعكس تحولًا تدريجيًا في الموقف الرسمي تجاه الأزمة السورية، إذ بات التركيز منصبًا على "الاستقرار الداخلي في ألمانيا" و"إعادة بناء سوريا من الداخل"، بدلاً من الاعتماد على استقبال مزيد من اللاجئين.
تحقيق توازن دقيق بين الأمن الإقليمي والإنساني
تسعى ألمانيا عبر هذه الخطوات إلى تحقيق توازن دقيق بين الأمن الإقليمي والإنساني، من خلال إعادة المجرمين أولًا وتشجيع العودة الطوعية للسوريين الراغبين في المساهمة بإعادة إعمار بلادهم.
وبينما تلقى هذه السياسة ترحيبًا من بعض الأوساط السياسية، فإنها تثير مخاوف منظمات حقوق الإنسان التي تحذر من مخاطر إعادة اللاجئين في ظل غياب ضمانات أمنية كافية داخل سوريا.

















