مقاطع “أطول نفس شيشة” تشعل الجدل في الأردن… سؤال الأخلاق والصحة ووسائل التواصل
في ظاهرة أثارت موجة من الجدل والغضب في الشارع الأردني، انتشر مؤخرًا على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر ما يُسمّى بـ “مسابقة أطول نفس شيشة” بين فتاتين، حيث تتنافسان على سحب دخان الأرجيلة لفترات طويلة أمام عدسات الهاتف. هذه الصورة غير المسبوقة أمام الجمهور أعادت إلى الواجهة أسئلة حول تأثير وسائل التواصل، التقليد الأعمى، سلامة الصحة، والمِيَولات غير المسؤولة بين الشباب.
ما الذي يظهره الفيديو؟
-
يظهر المقطع الفتاتين جالستَين أمام جلسة شيشة، وهما تتبادلان نفس الأرجيلة ويضع كل منهما كمامة الأرجيلة في فمها، ثم تبدأ العدّ على من يستمر "أطول نفس".
-
تتزايد الضغوط بينهما – بين التصفيق والتشجيع والمشاهدة – حتى تصل المنافسة الى لحظة يبدوان فيها وقد دخلتا في طور التحدي المباشر.
-
في الخلفية، يبدو عدد من الحضور يتفاعل مع الحدث، ويُوثِّقونه بالهاتف، ما يُضفي على الأمر طابع "عرضي أمام الجمهور".
ردود الفعل في المجتمع الأردني

-
أبدى كثير من المغردين الأردنيين استياء كبيرًا من تداول الفيديو، معتبرين أن المسابقة “تُقلل من مكانة المرأة” و”ترسّخ سلوكًا غير مسؤول بين الشبان”.
-
آخرون ركّزوا على البعد الصحي، مشيرين إلى أن استنشاق دخان الأرجيلة لفترات طويلة ضمن "مسابقة" قد يكون أخطر بكثير من الجلوس العادي في مقهى.
-
بعض المدافعين يقولون إن الأمر "مجرد مزاح أو عرض ترفيهي بسيط"، لكن ارتفاع عدد المشاهدات والتفاعل أعطاه أبعادًا أخرى جعلته أكثر من مجرد “فيديو خفيف”.
المخاطر الصحية والتنمّوية

بحسب دراسات طبية، فإن استخدام الشيشة/الأرجيلة (water-pipe) لا يقل ضررًا عن تدخين السجائر، بل قد يكون أكثر خطورة بسبب طول مدة الجلسة وكمية الدخان المستنشقة
-
استنشاق الدخان لفترات طويلة – كما في المسابقة – يعرض الجهاز التنفسي، القلب، والأوعية الدموية لضغوط غير طبيعية.
-
عندما يُحوّل الأمر إلى “مسابقة”، تزداد احتمالية الانخراط في سلوك أكبر مخاطرًا – سواء من حيث عدد النفَس أو إعادة النفَس بسرعة أو تجاهل الإشارات الجسدية للضيق.
لماذا تحوّلت إلى “مسابقة”؟
-
منطق وسائل التواصل الاجتماعي: حيث يبحث بعض المراهقين والشبان عن "ترندات" أو فيديوهات تشد الانتباه، حتى وإن كانت خطيرة أو غير مألوفة.
-
سعي داخل الأوساط الشبابية لخلق لحظة “تفوق” أو “تحدي” حتى ولو كان ضمن إطار ترفيهي أو مزاح.
-
غياب الرقابة أو الوعي الكامل: في كثير من الحالات تُقام هذه الفعاليات داخل أماكن مغلقة أو بين أصدقاء، دون أخذ تدابير السلامة أو النظر في النتائج.
من يجب أن يتحمّل المسؤولية؟
-
المستخدمون والشباب: يجب أن يكونوا واعين أن ما يُنشر على الإنترنت ليس دائمًا “للتسلية فقط”، بل قد يحمل مخاطر حقيقية.
-
أولياء الأمور والمربّون: مسؤولون عن بناء وعي تجاه مخاطر التدخين أو المنافسات غير الصحية.
-
الجهات الصحية والتعليمية: ضرورة تكثيف حملات التوعية حول الشيشة، خاصة بين الشبان، وتعزيز الرقابة على ما يُروَّج على وسائل التواصل.
-
منصات التواصل: يمكن أن تلعب دورًا أكبر في مراقبة المحتوى الذي يشجّع على سلوكيات محفوفة بالخطر.
خلق محتوى ملفت حتى لو بتجاهل الصحة أو الأخلاق
إن تداول فيديو “مسابقة أطول نفس شيشة” ليس مجرد حدث عابر على الإنترنت، بل انعكاس لمجموعة من التحدّيات التي تواجهها المجتمعات – من الاستهلاك السريع، وضغط الأقران، إلى سعي بعض الأفراد لخلق محتوى ملفت حتى لو بتجاهل الصحة أو الأخلاق. والأهم من ذلك: أن تكون لحظة هذه المسابقة نقطة انطلاق لحوار أعمق حول كيف يمكن للشباب أن يستمتعوا بوقتهم، يُبدِعوا، ويتحدّوا أنفسهم، لكن بوعي ومسؤولية وأمان.





