طائرات مسيّرة تابعة للدعم السريع تستهدف مطار الخرطوم الدولي قبيل إعادة افتتاحه للرحلات الداخلية

استيقظ سكان العاصمة السودانية الخرطوم فجر اليوم الثلاثاء على دوي انفجارات عنيفة ناجمة عن هجوم جديد شنّته طائرات مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع، استهدف مطار الخرطوم الدولي وعدة مواقع حيوية في العاصمة، قبل أقل من 24 ساعة من الموعد المقرر لإعادة تشغيل المطار للرحلات الداخلية.
تفاصيل الهجوم
أكد شهود عيان لفريق مراسلين محليين أن عدة طائرات مسيّرة حلّقت على ارتفاع منخفض في سماء الخرطوم قبيل الفجر، لتنفذ ضربات متزامنة قرب مطار الخرطوم الدولي، فيما سمعت أصوات المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني وهي تتصدى للهجوم.
وذكر مصدر عسكري سوداني لوكالات الأنباء أن قوات الدعم السريع استهدفت المطار ومحطة المرخيات التحويلية للكهرباء في أم درمان بأكثر من ستّ طائرات مسيّرة، مشيرًا إلى أن الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط بعضها، وأن الخسائر المادية وُصفت بالمحدودة.
خلفيات التصعيد
يأتي هذا الهجوم بعد أسبوع فقط من موجة مسيرات مشابهة استهدفت مناطق في ولاية الخرطوم ومدينة الدبة بالولاية الشمالية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، في تصعيد جديد من قوات الدعم السريع التي تواصل هجماتها ضد مواقع استراتيجية خاضعة لسيطرة الجيش السوداني.
ويرى مراقبون أن استهداف مطار الخرطوم الدولي في هذا التوقيت يحمل رسالة سياسية واضحة، مفادها أن العاصمة ما زالت غير آمنة لعودة الحركة الجوية والمدنية، رغم جهود الحكومة لإعادة الحياة تدريجيًا إلى المرافق الحيوية بعد عامين من اندلاع الحرب.
المطار كان يستعد للعودة إلى الخدمة
وكانت سلطة الطيران المدني السودانية قد أعلنت قبل ساعات من الهجوم عن إعادة تشغيل مطار الخرطوم الدولي للرحلات الداخلية اعتبارًا من يوم الأربعاء 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مؤكدة أن القرار يأتي بعد استكمال الترتيبات الفنية والتشغيلية اللازمة بالتعاون مع الجهات الأمنية والخدمية.
وأكدت السلطات أن إعادة تشغيل المطار تمثل خطوة رمزية نحو استعادة سيطرة الدولة على العاصمة، ورسالة بأن الحياة تعود تدريجيًا إلى طبيعتها رغم الظروف الأمنية المعقدة.
“هجوم رمزي قبل لحظة الانطلاق”
يرى محللون أن الهجوم الأخير يحمل دلالات رمزية عميقة، إذ يأتي في لحظة كان من المفترض أن تشكل بداية مرحلة جديدة من الاستقرار النسبي بعد جهود مضنية لإصلاح المطار الذي تعرض لتدمير شبه كامل منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023.
ويعتبر الخبراء العسكريون أن استهداف البنية التحتية الحيوية، كالمطارات ومحطات الكهرباء، يشير إلى رغبة الدعم السريع في إطالة أمد الصراع ومنع الحكومة من تحقيق أي مكاسب ميدانية أو سياسية.
كما أن الهجوم قد يكون ردًا غير مباشر على خسائر ميدانية تكبدتها قوات الدعم السريع في ولايات كردفان والجزيرة خلال الأسابيع الماضية، حيث يهدف إلى إظهار قدرة الحركة على ضرب العاصمة في أي وقت رغم الضربات التي تتعرض لها.
رد الجيش السوداني المتوقع
من جانبه، أكد مصدر داخل القوات المسلحة السودانية أن الدفاعات الجوية كانت في حالة تأهب قصوى بعد رصد مؤشرات على تحركات لطائرات مسيرة في أطراف العاصمة خلال الأيام الماضية.
وأوضح المصدر أن الجيش سيتعامل بحزم مع أي محاولة لاستهداف المنشآت الحيوية، مشيرًا إلى أن الجهات المختصة تعمل حاليًا على حصر الأضرار وتوثيق الأدلة الفنية لتحديد مصدر الإطلاق ومساره.
ومن المتوقع أن يصدر بيان رسمي من القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية خلال الساعات القادمة لتوضيح تفاصيل الهجوم ونتائجه النهائية.
المطار بين الدمار والأمل
يُذكر أن مطار الخرطوم الدولي كان قد تعرض لتدمير واسع النطاق في الأيام الأولى للحرب، بعد أن أصبح ساحة مواجهة مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وخلال الأشهر الماضية، تمكنت السلطات السودانية من إعادة تأهيل أجزاء من المطار بجهود هندسية وفنية مكثفة، بهدف تشغيله تدريجيًا، ليكون رمزًا لعودة الدولة إلى مركزها الإداري والسيادي.
تنسيق أكبر مع قيادة الجيش لحماية المنشآت الحيوية.
يرى مراقبون أن هجوم اليوم لن يوقف بالضرورة عملية إعادة التشغيل، لكنه قد يدفع الحكومة لتشديد الإجراءات الأمنية وتنسيق أكبر مع قيادة الجيش لحماية المنشآت الحيوية.
وفي الوقت نفسه، يؤكد محللون أن استمرار مثل هذه الهجمات يهدد فرص أي تهدئة محتملة، ويكشف عن تعقيد المشهد السوداني الذي بات يتجاوز الصراع العسكري إلى حرب إرادات وسيطرة رمزية على العاصمة الخرطوم.