وزيرة إسرائيلية تدعو إلى حرق جثة يحيى السنوار.. دعوة صادمة تثير الجدل في تل أبيب والمنطقة

أثارت تصريحات ميري ريغيف، وزيرة المواصلات الإسرائيلية وعضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية (الكابينت)، جدلًا واسعًا داخل إسرائيل وخارجها، بعد أن دعت إلى حرق جثة يحيى السنوار، القائد السابق لحركة "حماس"، الذي قُتل في عملية إسرائيلية جنوب قطاع غزة في أكتوبر 2024.
خلفية مقتل يحيى السنوار
كان يحيى السنوار، القائد العام السابق لحركة "حماس" في قطاع غزة، قد قُتل في اشتباك مباشر مع قوات إسرائيلية خاصة في مدينة رفح يوم 16 أكتوبر 2024، بعد مطاردة دامت أكثر من عام منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي هز إسرائيل وأدى إلى اندلاع الحرب الشاملة على غزة.
ومنذ مقتله، تحتجز إسرائيل جثمان السنوار وشقيقه محمد السنوار، الذي قُتل هو الآخر في غارة إسرائيلية على مدينة خان يونس في 13 مايو 2024، وسط رفض رسمي إسرائيلي لإعادتهما إلى غزة رغم المطالبات الفلسطينية والدولية.
تصريح ميري ريغيف المثير للجدل
في مقابلة إذاعية عبر محطة "كول برما" الإسرائيلية الموجهة للمتدينين اليهود، صرّحت ميري ريغيف قائلة:
ميري ريغيف في زيارة لدولة الامارات
"اقترحت خلال جلسة الكابينت أن يتم حرق جثة يحيى السنوار، تمامًا كما فعل الأمريكيون مع أسامة بن لادن."
وأضافت:
"لا يجب أن نعيد رموز الشر إلى الحياة بعد الموت، فدفن جثته في المنطقة قد يحوّله إلى رمز في نظر البعض، وهذا ما لا نريده إطلاقًا."
ورغم ذلك، أشارت الوزيرة إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية لم ترد بعد على اقتراحها، موضحة أنها "مستمرة في الدفع بهذا التوجه داخل الكابينت"، معتبرة أن "حرق جثته سيكون رسالة ردع رمزية وقوية ضد الإرهاب".
خلط بين الوقائع.. ومقارنة خاطئة
تصريحات الوزيرة أثارت جدلًا إضافيًا بسبب تشبيهها بين السنوار وأسامة بن لادن، حيث ذكرت أن الولايات المتحدة "حرقت جثة بن لادن"، بينما الحقيقة أن واشنطن ألقت جثته في البحر بعد مقتله عام 2011، وفقًا لما أعلنته الإدارة الأمريكية آنذاك.
ويُنظر إلى هذا التشبيه في الأوساط السياسية الإسرائيلية على أنه سوء استخدام للرمز السياسي ومحاولة لإثارة الرأي العام الإسرائيلي عبر خطاب عاطفي متشدد.
تصعيد رمزي ورسالة انتخابية داخلية
يرى مراقبون أن تصريحات ميري ريغيف تأتي في سياق سياسي داخلي أكثر من كونها مقترحًا عمليًا، إذ تسعى الوزيرة، المحسوبة على التيار اليميني المتشدد داخل حزب الليكود، إلى كسب دعم الشارع الإسرائيلي المحافظ الذي يطالب بسياسات أكثر حزمًا تجاه حماس.
ميري بملابس عسكرية
كما يرى محللون أن هذه الدعوة تتزامن مع الجدل داخل الحكومة الإسرائيلية حول كيفية التعامل مع رموز حركة حماس بعد الحرب، خصوصًا في ظل تصاعد الضغوط الدولية لإتمام صفقة تبادل الأسرى وتسليم الجثامين.
وتُعد هذه التصريحات جزءًا من حملة شعبوية داخل إسرائيل تهدف إلى رفع سقف الخطاب السياسي اليميني قبل أي انتخابات قادمة، خصوصًا مع تراجع شعبية حزب الليكود في استطلاعات الرأي الأخيرة.
ردود الفعل الفلسطينية والدولية المتوقعة
على الجانب الفلسطيني، يُتوقع أن تُقابل تصريحات ريغيف بغضب رسمي وشعبي واسع، إذ تُعد الدعوة إلى حرق الجثامين انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية واتفاقيات جنيف التي تفرض احترام كرامة الموتى حتى في أوقات الحرب.
من جهتها، قد تصدر منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بيانات تدين هذه التصريحات، خاصة في ظل الانتهاكات المتكررة بحق المدنيين في قطاع غزة منذ بدء الحرب.
في ذكرى مقتله.. إسرائيل تنشر صورة جديدة
وفي سياق متصل، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرًا صورة جديدة لجثة يحيى السنوار في ذكرى مقتله الأولى، واعتبر محللون ذلك جزءًا من محاولة لتأكيد "الانتصار الرمزي" على حماس رغم الانتقادات الداخلية لفشل إسرائيل في إنهاء الصراع.
السنوار بعد موته لا يزال "حاضرًا"
يُجمع محللون سياسيون أن مقتل يحيى السنوار لم يُنهِ تأثيره الرمزي والسياسي، بل ربما زاد من تحوله إلى "رمز مقاوم" داخل الشارع الفلسطيني والعربي، تمامًا كما حدث مع قادة سابقين مثل أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي.
ويرى الخبراء أن أي تعامل قاسٍ مع جثمانه – كالحرق أو التشويه – قد يؤدي إلى ردود فعل غاضبة وتوترات إقليمية جديدة، وربما يقوّض فرص أي تهدئة مستقبلية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.