لامين يامال.. ضحية النظام الكروي الحديث! فيفا ويويفا يُتّهمان بتدمير مستقبل النجوم الشباب بالبطولات الزائدة

كرة القدم الحديثة تلتهم نجومها
تحولت كرة القدم الحديثة إلى آلة لا ترحم، تحصد مجهود اللاعبين الشباب وتستنزف طاقتهم في سبيل زيادة الأرباح والعائدات التجارية.
وفي مقدمة المتضررين يقف النجم الإسباني الشاب لامين يامال، جناح نادي برشلونة ومنتخب إسبانيا، الذي أصبح رمزًا لمعاناة الجيل الجديد من المواهب الكروية بسبب تضخم عدد البطولات والمباريات.
وفي تقرير حديث صادر عن الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم "فيفبرو" (FIFPro)، تم الكشف عن أن لامين يامال في عمر 18 عامًا فقط خاض عدد مباريات يوازي ضعف ما لعبه نجوم كرة القدم قبل 15 عامًا، في مؤشر خطير على تسارع وتيرة الإرهاق البدني والعقلي لدى اللاعبين الصاعدين.
أرقام صادمة.. يامال يلعب ضعف أساطير إسبانيا
أظهر التقرير أن لامين يامال خاض 130 مباراة حتى الآن، بإجمالي 9772 دقيقة لعب، وتعرض خلالها إلى إصابتين متتاليتين بسبب الضغط الزمني بين اللقاءات.
للمقارنة، فإن نجوم الجيل الذهبي لإسبانيا مثل تشافي هيرنانديز، سيسك فابريغاس، وأندريس إنييستا لم يصلوا حتى إلى نصف هذا الرقم عندما كانوا في نفس عمره.
وتشير البيانات إلى أن نسبة الدقائق الإضافية التي لعبها يامال تفوق بـ31% ما خاضه جود بيلينغهام نجم ريال مدريد حين كان يبلغ 18 عامًا، ما يعكس حجم الخطر المحدق بالمواهب الجديدة.
فيفبرو تُحذّر: ضغط المباريات يُدمّر الأجيال القادمة
في تقريرها الأخير، حذّرت منظمة فيفبرو من أن اللاعبين الشباب اليوم يخوضون ضعف الدقائق التي كان يخوضها اللاعبون قبل عقد من الزمن، معتبرة أن "كرة القدم فقدت توازنها بين الترفيه والجانب الإنساني".
وأشار التقرير إلى أن اللاعبين لم يعودوا يحصلون على فترات راحة كافية للتعافي، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب الإصابات المزمنة والإجهاد العضلي المبكر، خاصة لدى المواهب تحت سن العشرين.
برشلونة ومعضلة لا ماسيا
يُعد لامين يامال أحد أبرز خريجي أكاديمية "لا ماسيا" الشهيرة، التي أنجبت نجومًا مثل ميسي، تشافي، وإنييستا، لكن الفارق أن الجيل الحالي يُدفع إلى خوض المنافسات الكبرى مبكرًا جدًا دون مراعاة التدرج الطبيعي للنضج البدني.
ففي سن 18 عامًا فقط، لعب يامال 130 مباراة، مقابل:
-
69 مباراة لباو كوبارسي (زميله الحالي في برشلونة).
-
60 مباراة لغافي.
-
49 مباراة لبيدري.
-
45 مباراة لفابريغاس وإنسو فاتي عندما كانا في نفس العمر.
هذه الأرقام تؤكد أن برشلونة يعتمد بشكل مفرط على شبابه نتيجة الأزمة المالية وغياب البدائل الجاهزة، وهو ما جعل نجوم الأكاديمية عرضة للإرهاق المبكر.
السبب: سباق البطولات والمكاسب المالية
أصبحت الاتحادات الدولية — وعلى رأسها فيفا ويويفا — تتسابق في ابتكار بطولات جديدة وزيادة عدد الفرق والمباريات في المسابقات القائمة.
ومن أبرز الأمثلة:
-
توسعة دوري أبطال أوروبا بنظام المجموعات الطويل.
-
بطولة كأس العالم للأندية الموسعة بمشاركة 32 فريقًا.
-
بطولة "فيفا إنتركونتيننتال" الجديدة.
كل ذلك يعني مباريات أكثر، وإرهاق أكبر، وأرباح أعلى، لكن على حساب الصحة الجسدية والنفسية للاعبين.
أرقام فالفيردي تكشف حجم الكارثة
لم تقتصر الأزمة على اللاعبين الشباب فقط، بل طالت حتى النجوم الكبار.
فقد خاض الأوروغواياني فيدريكو فالفيردي، نجم ريال مدريد، 72 مباراة في موسم واحد بإجمالي 6676 دقيقة لعب، أي ما يعادل 81% من الدقائق المتاحة خلال الموسم الكامل، مع فترات راحة تقل عن 5 أيام بين المباريات.
هذه الأرقام توضح أن كرة القدم تحوّلت إلى سباق مستمر بلا توقف، حيث لم يعد أمام اللاعبين وقت كافٍ للتعافي أو الراحة الذهنية، ما يهدد مستقبل اللعبة بأكملها.
كرة القدم في مفترق طرق
يُجمع الخبراء على أن النظام الكروي الحالي يُسرّع من “احتراق” اللاعبين النجوم مبكرًا، أي أنهم يصلون إلى ذروة الأداء في سن صغيرة ثم يعانون من تراجع حاد قبل الثلاثين.
ويرى بعض المحللين أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى تراجع جودة اللعبة وارتفاع نسب الاعتزال المبكر بسبب الإصابات المزمنة.
يامال نموذج لجيل مضغوط بين المجد والإنهاك
قصة لامين يامال ليست مجرد حالة فردية، بل إنذار عالمي حول واقع كرة القدم الحديثة التي باتت تُدار بمنطق السوق لا بروح الرياضة.
وإن لم تتراجع المؤسسات الكروية الكبرى عن سباق الأرباح المرهق، فإن المستقبل القريب سيشهد انهيارًا بدنيًا جماعيًا لجيلٍ كاملٍ من المواهب التي أرهقها اللعب المبكر والتنافس المتواصل.