احتجاجات المغرب 2025.. من مطالب اجتماعية إلى فوضى ونهب

يشهد المغرب منذ أيام موجة احتجاجات شبابية غير مسبوقة، انطلقت في الأصل من مطالب اجتماعية مرتبطة بالتعليم والصحة والعدالة الاقتصادية، لكنها تحولت سريعًا إلى أعمال عنف ونهب في مدن عدة أبرزها أغادير وإنزكان وبيوكرى، ما وضع السلطات أمام تحدٍ أمني واجتماعي معقد.
الشرارة الأولى.. مطالب "جيل زد-212"
انطلقت الاحتجاجات بقيادة شباب أطلقوا على أنفسهم "جيل زد-212"، في إشارة إلى الهوية الجيلية والسياق الاجتماعي الضاغط. شعاراتهم الأولى تمحورت حول:
-
تحسين جودة التعليم والحد من الاكتظاظ في المدارس.
-
تطوير خدمات الرعاية الصحية وضمان حق العلاج للجميع.
-
مواجهة البطالة التي تضرب الشباب في المدن الكبرى والقرى.
لكن ومع اتساع رقعة الاحتجاجات، ظهرت مجموعات استغلت الموقف لتحويل المظاهرات إلى فوضى ميدانية، شملت اقتحام مؤسسات مالية وتجارية.
حصيلة دامية وأعمال نهب
بحسب وزارة الداخلية المغربية:
-
286 إصابة سُجلت بين محتجين ورجال أمن.
-
409 موقوفين بتهم تتعلق بالتخريب والاعتداء على الممتلكات.
في إنزكان، اقتُحمت وكالة بنكية وتم العبث بملفات الزبائن، فيما باشرت الشرطة العلمية جمع الأدلة وفحص الكاميرات. أما في بيوكرى جنوب أغادير، فقد تم نهب أحد البنوك وإتلاف محلات تجارية مجاورة، وسط مواجهات عنيفة استمرت ساعات.
السياق الاقتصادي والاجتماعي
المراقبون يرون أن هذه الأحداث لا يمكن فصلها عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المغرب:
-
ارتفاع البطالة خاصة في صفوف الشباب.
-
تضخم الأسعار الذي أرهق الأسر محدودة الدخل.
-
اختلالات في الخدمات العامة من صحة وتعليم.
هذه الأوضاع جعلت الاحتقان الاجتماعي يتفاقم، ما هيأ الأرضية لانفجار احتجاجات واسعة سرعان ما خرجت عن مسارها السلمي.
التحدي الأمني والرسالة الاجتماعية
على الرغم من تدخل السلطات الأمنية لفرض النظام، فإن الجانب الأمني وحده لا يكفي. فالمشهد يعكس أزمة ثقة بين الشباب والدولة، ويبرز الحاجة إلى إصلاحات هيكلية تطال قطاعات التعليم والصحة والتشغيل.
ويرى محللون أن الحلول الأمنية العاجلة لا بد أن تُرفق بـ استراتيجيات اجتماعية بعيدة المدى، حتى لا تتحول المطالب الشعبية إلى بؤر غضب قابلة للانفجار مع كل أزمة اقتصادية أو سياسية.
ما بين الاحتجاج المشروع والفوضى
القضية الآن لا تقتصر على مواجهة أحداث النهب والتخريب، بل على التمييز بين:
-
الاحتجاج السلمي المشروع الذي يعبر عن مطالب الشباب والطبقات المتوسطة.
-
أعمال الفوضى التي تستغل غضب الشارع لتوجيه ضربات للاقتصاد المحلي ولثقة المواطنين في الدولة.
عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المغرب
أحداث المغرب الأخيرة تكشف عن عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها البلد. وبينما تحاول السلطات استعادة السيطرة وتهدئة الشارع، يبقى التحدي الحقيقي هو الاستماع إلى صوت الشباب وتبني إصلاحات ملموسة تعيد الثقة وتمنع تكرار سيناريوهات العنف والنهب.