كولومبيا تطرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية وتلغي اتفاقية التجارة الحرة بسبب اعتراض ”أسطول الصمود” المتجه إلى غزة

في خطوة سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة، أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو عن طرد جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية المتبقين في بلاده، وذلك بعد اعتراض القوات الإسرائيلية لأسطول المساعدات الإنسانية المعروف باسم "أسطول الصمود" والمتجه إلى قطاع غزة. القرار جاء مصحوبًا بتأكيد الرئيس على أن بلاده ترفض أي اعتداء يمس حقوق مواطنيها أو حرياتهم الأساسية، في إشارة إلى احتجاز امرأتين كولومبيتين كانتا ضمن الناشطين المشاركين في الرحلة الإنسانية.
إحتجاز الناشطتين الكولومبيتين في المياه الدولية
أوضح الرئيس بيترو أن إسرائيل أقدمت على احتجاز الناشطتين الكولومبيتين في المياه الدولية، وهو ما اعتبرته بوغوتا انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان. ونتيجة لذلك، لم يكتفِ الرئيس بطلب الإفراج الفوري عن مواطنيه، بل أعلن أيضًا عن إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل بشكل فوري، مما يعكس عمق الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
العلاقات الكولومبية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة
يُذكر أن العلاقات بين كولومبيا وإسرائيل شهدت توترًا كبيرًا منذ عام 2024، حينما قررت بوغوتا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب احتجاجًا على الحرب في غزة. ورغم ذلك، أبقت كولومبيا على تمثيل قنصلي محدود يضم حوالي 40 موظفًا، بينهم 4 دبلوماسيين إسرائيليين فقط. ومع القرار الأخير، أغلقت كولومبيا الباب أمام أي تمثيل رسمي إسرائيلي على أراضيها، لتدخل العلاقات الثنائية في مرحلة قطيعة كاملة.
تفاصيل اعتراض "أسطول الصمود"
وجاءت هذه التطورات بعد أن اعترضت البحرية الإسرائيلية عدة سفن من "أسطول الصمود العالمي"، أثناء اقترابها من سواحل غزة. من بين هذه السفن واحدة كانت تقل الناشطة البيئية السويدية الشهيرة غريتا تونبرغ، والتي شاركت في الحملة تضامنًا مع المدنيين الفلسطينيين. ورغم تأكيد المنظمين أن الأسطول يحمل مواد غذائية، حليب أطفال، وأدوية ضرورية، إلا أن القوات الإسرائيلية أوقفت السفن بدعوى أمنية.
أهداف "أسطول الصمود"
انطلق هذا الأسطول مطلع سبتمبر من موانئ في إسبانيا وتونس وإيطاليا، ويضم نحو 45 سفينة تقل مئات الناشطين من أكثر من 50 دولة حول العالم. ويؤكد القائمون عليه أن مهمته "سلمية وغير عنيفة"، وأن هدفه كسر الحصار المفروض على غزة منذ سنوات طويلة، وإيصال المساعدات مباشرة إلى سكان القطاع المحاصرين.
البعد الإنساني والسياسي
تعتبر كولومبيا من أبرز الدول في أمريكا اللاتينية التي اتخذت موقفًا صريحًا ضد الممارسات الإسرائيلية في غزة. فإلى جانب رفضها لأي انتهاك يطال مواطنيها، تسعى بوغوتا لإرسال رسالة قوية إلى المجتمع الدولي بضرورة حماية الناشطين الإنسانيين واحترام القانون الدولي. كما أن طرد الدبلوماسيين الإسرائيليين وإلغاء الاتفاقية التجارية يشكلان ورقة ضغط سياسية واقتصادية قد تساهم في زيادة عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.
في المحصلة، يمكن القول إن قرار الرئيس غوستافو بيترو يمثل تصعيدًا دبلوماسيًا جديدًا في الأزمة المتواصلة بسبب الحرب في غزة، وهو يعكس تحوّلًا متزايدًا في مواقف بعض الدول تجاه إسرائيل، خصوصًا مع تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين والناشطين الإنسانيين.
.