تعديلات عربية على مبادرة ”ويتكوف – كوشنر – بلير” لوقف الحرب على غزة: انسحاب إسرائيلي كامل وإدارة فلسطينية تكنوقراطية

تشهد أروقة السياسة الإقليمية والدولية حراكًا مكثفًا بشأن مستقبل قطاع غزة، بعد أن أدخلت الدول العربية تعديلات جوهرية على مبادرة (ويتكوف – كوشنر – بلير) الخاصة بوقف الحرب المستمرة منذ عامين على القطاع. وتأتي هذه التعديلات استجابةً لمطالب عربية واضحة تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، وفتح الطريق أمام إدارة فلسطينية جديدة لإعادة إعمار القطاع وإدارته.
أبرز التعديلات العربية على المبادرة
كشفت مصادر دبلوماسية أن التعديلات التي قدمتها الدول العربية تضمنت بنودًا محورية، في مقدمتها:
-
انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة كشرط أساسي غير قابل للتفاوض.
-
تشكيل إدارة فلسطينية من التكنوقراط تتولى إدارة القطاع بعيدًا عن الصراعات الفصائلية، على أن تعمل هذه الإدارة تحت إشراف مجلس دولي لمتابعة مهامها وضمان الشفافية.
-
منح السلطة الفلسطينية صلة مباشرة بهذه الإدارة لضمان التنسيق مع المؤسسات الرسمية الفلسطينية.
-
بدلاً من نزع سلاح حركة حماس بالكامل، ينص التعديل على أن تقوم الحركة بوضع سلاحها جانبًا، بما يفتح بابًا للتسوية دون إذلال أو فرض شروط قاسية.
-
نشر قوات دولية لمراقبة حدود القطاع، لكن من دون أي احتكاك مباشر مع السكان، لتفادي أزمات إنسانية جديدة.
الدور الأميركي في الوساطة
بحسب المصادر، سيعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب النسخة المعدلة من المبادرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء مرتقب يوم الاثنين المقبل في البيت الأبيض.
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق عن مناقشات "مثمرة للغاية" مع دول المنطقة بشأن قطاع غزة، مشيرًا إلى أن المفاوضات بدأت منذ أربعة أيام وستستمر "طالما لزم الأمر" حتى التوصل إلى اتفاق مكتمل.
وعبر منصة "تروث سوشيال"، كتب ترامب: "نجري مناقشات ملهمة ومثمرة للغاية مع دول الشرق الأوسط بشأن غزة... جميع دول المنطقة منخرطة في هذه المفاوضات، وإسرائيل وحماس على علم بها"، مؤكدًا أن الإدارة الأميركية تسعى إلى صياغة حل نهائي يضع حدًا للصراع.
قراءة سياسية للتعديلات
1. الانسحاب الكامل من غزة
يمثل هذا الشرط نقلة نوعية في الطرح العربي، إذ يُعيد التأكيد على ثوابت القضية الفلسطينية ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار جدي للضغط على إسرائيل.
2. إدارة تكنوقراط فلسطينية
هذا الطرح يعكس رغبة عربية في إبعاد غزة عن الاستقطاب السياسي والفصائلي، وإيجاد صيغة محايدة تركز على إعادة الإعمار وتحسين حياة السكان.
3. حماس والسلاح
بدلاً من صيغة "نزع السلاح"، التي ترفضها الحركة وتعتبرها استسلامًا، يقترح التعديل صيغة وسطية تقوم على "وضع السلاح جانبًا"، ما قد يفتح بابًا لمفاوضات عملية أكثر واقعية.
4. القوات الدولية
التواجد الدولي لمراقبة الحدود يأتي كضمانة أمنية لإسرائيل، لكنه مشروط بعدم الاحتكاك المباشر مع سكان القطاع، وهو بند يحاول الموازنة بين الأمن والاعتبارات الإنسانية.
موقف الأطراف المختلفة
-
الدول العربية: تسعى إلى صياغة مبادرة متوازنة تُعيد غزة للحاضنة الفلسطينية وتفتح باب الحل السياسي الأشمل.
-
إسرائيل: من المتوقع أن تواجه ضغوطًا كبيرة للقبول بالانسحاب الكامل، رغم أن تل أبيب تفضل صيغًا تقلص نفوذ حماس فقط.
-
حماس: قد ترى في الصيغة المعدلة فرصة لتجنب شروط الإذعان، لكنها ستترقب تفاصيل الإشراف الدولي والإدارة التكنوقراطية.
-
المجتمع الدولي: يترقب المبادرة باعتبارها خطوة حاسمة قد تفتح طريقًا نحو تسوية أوسع في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
إجماعًا عربيًا على ضرورة حل جذري
إدخال تعديلات عربية على مبادرة (ويتكوف – كوشنر – بلير) يعكس إجماعًا عربيًا على ضرورة حل جذري يبدأ بانسحاب إسرائيلي كامل ويؤسس لإدارة فلسطينية محايدة بإشراف دولي. وبينما يستعد ترامب لطرح هذه النسخة على نتنياهو، تبقى الأنظار معلقة برد الفعل الإسرائيلي وحساباته الداخلية. ما سيجري خلال الأيام المقبلة قد يرسم ملامح مرحلة جديدة في غزة، بين تسوية سياسية منتظرة أو استمرار دوامة الحرب.