حرّية الإعلام في خطر؟ ترامب يلوّح بسحب تراخيص القنوات التي «تغطيه بسلبية» بعد إيقاف برنامج جيمي كيميل

هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب تراخيص البث من الشبكات التلفزيونية التي «تمنحه تغطية سيئة»، وذلك خلال رحلة عودته من لندن. التهديد جاء بعد ساعات من قرار شبكة «ABC» إيقاف برنامج «جيمي كيميل لايف» لأجل غير مسمّى على خلفية تعليقات للمقدّم حول مقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك، وهي تعليقات أثارت عاصفة سياسية وتنظيمية دفعت محطات محلية إلى وقف بثّ الحلقة واعتراضات واسعة من منظمات حرّيات مدنية.
قال ترامب للصحفيين: «إنهم يحصلون على ترخيص… وربما حان الوقت لسحب ترخيصهم»، مضيفًا أن الأمر «متروك لبرندان كار»، رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC). التصريحات تزامنت مع إشادة ترامب بقرار ABC، ودعوته إلى اتخاذ إجراءات مشابهة ضدّ مقدّمي برامج ساخرين آخرين ينتقدونه باستمرار.
ما الذي حدث مع «جيمي كيميل»؟
أعلنت ABC سحب البرنامج عن الهواء «إلى أجل غير مسمّى» بعد مداخلات لكيميل حول واقعة قتل كيرك وما تبعها من سجال حول هوية القاتل ودوافعه. وسبق القرارَ ضغطٌ من أكبر مالكي المحطات المحلية (نكسـتار) التي أوقفت بث البرنامج على عشرات أسواقها، فضلًا عن تهديدات تنظيمية من رئيس الـFCC برندان كار بمساءلة المحطات التي تستمر في بثّه. في المقابل، انتقدت مفوضة الـFCC آنا غوميز ما اعتبرته «خضوعًا لضغط حكومي يناقض التعديل الأول للدستور»، ونددت منظمات حرّيات مثل ACLU وFIRE بما وصفته «تسييسًا للرقابة».
أين تقف القوانين الأمريكية؟
من المهم التذكير بأن لجنة الاتصالات الفيدرالية ترخّص للمحطات الفردية (محطات محلية)، ولا تمنح «ترخيصًا شبكيًا» لشركات مثل ABC أو NBC. كما أن التعديل الأول وقانون الاتصالات يحظران صراحةً الرقابة المسبقة على المحتوى، ما يجعل قدرة أي إدارة على «إلغاء ترخيص شبكة» أمرًا غير دقيق قانونيًا—حتى مع امتلاك الـFCC أدوات مساءلة محدودة تتعلق بـ«المصلحة العامة» على مستوى المحطات.
لماذا يثير التهديد قلقًا واسعًا؟
-
سابقة خطيرة: استخدام سلطة تنظيمية لردع خطاب ناقد—ولو ساخرًا—يخلق «تأثيرًا مُجمِّدًا» على غرف الأخبار ويشجّع الرقابة الذاتية تحوّطًا من العقاب.
-
التباس عام مقصود: الخلط بين «ترخيص شبكة» و«ترخيص محطات» يروّج لفكرة أن السلطة التنفيذية تستطيع إسكات منصّات نقدية بقرار واحد، بينما الواقع القانوني أكثر تعقيدًا ومحصّنًا بالتعديل الأول.
-
تسييس المنظّم: انتقادات متنامية لجرّ الـFCC إلى معارك رأي، مع أن دورها المفترض محايد تقنيًّا (طيف ترددي، ترخيص محطّات، شكاوى لياقة البثّ في أطر ضيّقة).
«كشف الخفايا»: ما وراء لعبة التراخيص
-
ضغط غير مباشر عبر المحطات: حتى إذا تعذر قانونًا «سحب ترخيص شبكة»، فإن التلويح بمحاسبة المحطات التابعة يفرض كلفة سياسية/تنظيمية على مالكيها، ما قد يدفع بعضهم لخفض المخاطر بإيقاف برامج مثيرة للجدل.
-
اقتصاد البث يتغيّر: تراجع مشاهدات «الليت نايت» التقليدي يسهّل على المالكين تبرير قرارات إلغاء/تعليق تحت لافتة «القيم المجتمعية» أو «المصلحة العامة».
-
حملة أوسع على الإعلام: تهديدات «سحب الترخيص» ليست جديدة في خطاب ترامب، وقد سبقته دعوات مماثلة خلال منافسات 2024، ما يكرّس نمطًا يخلط بين النقد السياسي والضغط التنظيمي.
إلى أين تتجه الأزمة؟
الأنظار على قرارات ABC المقبلة، وعلى ما إذا كانت المحطات التابعة ستعيد البرنامج بشروط تحريرية مختلفة، أو تمضي في الإيقاف لفترة طويلة. كذلك تُراقَب تحركات الكونغرس ومنظمات الحريات المدنية لقياس مدى استعدادها لكبح «تسييس المنظِّم» إذا تحوّل التهديد إلى سياسات دائمة. وفي الأثناء، يبقى التعديل الأول خط الدفاع الأول عن فضاء إعلامي تعددي—even حين يكون الخطاب لاذعًا أو صادمًا.