لافروف يحذر: الدعم الأمريكي للنزعة الانفصالية في شمال شرق سوريا «قنبلة موقوتة» تهدد وحدة البلاد

حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من خطورة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لما وصفه بـالنزعة الانفصالية في شمال شرق سوريا، مؤكدًا أن هذا النهج يمثل «قنبلة موقوتة» تهدد استقرار البلاد ووحدتها على المدى القريب والبعيد، في وقت تمر فيه سوريا بمرحلة سياسية وأمنية شديدة الحساسية عقب التغيرات الدراماتيكية التي شهدتها خلال العامين الماضيين.

وجاءت تصريحات لافروف في مقابلة مع مؤسسة إذاعة وتلفزيون إيران، حيث تناول بالتفصيل الرؤية الروسية للمشهد السوري، وانتقد بشدة السياسات الأمريكية في المنطقة، معتبرًا أنها تعمّق الانقسامات الداخلية بدلًا من الدفع نحو حل وطني شامل.

اتهام مباشر لواشنطن بتغذية الانفصال

قال لافروف إن الولايات المتحدة:

• تحتفظ بمنطقة واسعة في شمال شرق سوريا

• تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)

• وتدفع، منذ الإدارة الأمريكية السابقة، نحو تعزيز النزعات الانفصالية هناك

وأضاف:

«الأمريكيون يحتفظون بمنطقة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي، ويدفعون بكل الطرق نحو تعزيز النزعة الانفصالية. هذه العملية مستمرة، ونعتقد أنها قنبلة موقوتة أخرى».

وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أن هذا التوجه لا يخدم مستقبل سوريا، بل يهدد بتفجير صراعات جديدة ذات طابع عرقي وطائفي، قد تمتد آثارها إلى الإقليم بأكمله.

الحل من وجهة نظر موسكو: حوار وطني شامل

شدد لافروف على أن المخرج الحقيقي للأزمة السورية لا يكمن في مشاريع التقسيم أو الرعايات الخارجية، بل في:

• إطلاق حوار وطني شامل

• يضم جميع مكونات المجتمع السوري

• دون إقصاء أو تهميش لأي فئة

وقال:

«الأهم هو بدء حوار وطني شامل، وهو ما كان مفقودًا في سوريا طوال فترة حكم بشار الأسد».

وأكد أن الحفاظ على وحدة الدولة السورية يمثل أولوية مطلقة في السياسة الروسية، وأن أي ترتيبات سياسية مستقبلية يجب أن تقوم على هذا الأساس.

سقوط سريع… ومعارضة بلا مقاومة تُذكر

تطرق لافروف إلى التطورات العسكرية التي شهدتها سوريا العام الماضي، موضحًا أن:

• روسيا لم تكن تمتلك وحدات قتالية على الأرض

• اقتصر وجودها على قاعدتين فقط: جوية وبحرية

وأوضح أن الهجوم الذي شنّته فصائل المعارضة السورية، بقيادة أحمد الشرع، أسفر عن سيطرتها السريعة على مساحات واسعة من البلاد، وصولًا إلى دمشق، بشكل فاجأ موسكو.

وقال:

«السرعة التي استولت بها المعارضة على الأراضي كانت غير متوقعة، ولم يكن هناك أي مقاومة تقريبًا».

تواصل روسي مع القيادة السورية الجديدة

كشف وزير الخارجية الروسي عن قنوات اتصال مفتوحة بين موسكو والسلطات السورية الجديدة، مشيرًا إلى أن:

• الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع زار روسيا

• لافروف التقى ثلاث مرات بوزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني

• وفود روسية من وزارات مختلفة زارت دمشق مؤخرًا

وأوضح أن هذه اللقاءات تناولت:

• مستقبل العلاقات السياسية

• التعاون التجاري والاقتصادي

• الاتفاقيات الموقعة سابقًا بين البلدين

وخلال كل هذه الاتصالات، شددت موسكو – بحسب لافروف – على:

• ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا

• رفض أي مشاريع تقسيم أو فيدرلة قسرية

العلويون والسنة والدروز… الجميع على طاولة الحوار

أكد لافروف أن أي حوار وطني حقيقي يجب أن يشمل:

• العلويين

• السنة

• الدروز

• وجميع المجموعات العرقية والطائفية والإثنية

مشددًا على أن استبعاد أي مكون من المعادلة السياسية سيقود حتمًا إلى عدم الاستقرار، ويُبقي البلاد رهينة للصراعات.

«المسألة الكردية» ورهانات المصالح

توقف لافروف عند القضية الكردية في سوريا، معتبرًا أنها واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.

وقال:

«هناك أيضًا مشكلة كردية في سوريا، يحاول الكثيرون لعبها لخدمة مصالحهم الأنانية».

ويرى مراقبون أن هذا التصريح يعكس قلق موسكو من:

• توظيف الملف الكردي من قبل قوى دولية

• استخدامه كورقة ضغط جيوسياسية

• بما قد يقود إلى تفكيك النسيج السوري

من سقوط الأسد إلى المرحلة الانتقالية

للتذكير بالسياق الزمني:

• في نهاية نوفمبر 2024 بدأت فصائل المعارضة السورية هجومًا واسعًا

• دخلت دمشق في 8 ديسمبر

• غادر الرئيس السابق بشار الأسد البلاد

وفي 29 يناير، أعلنت الإدارة السورية الجديدة:

• تعيين أحمد الشرع رئيسًا للفترة الانتقالية

• إجراء انتخابات رئاسية بعد أربع سنوات

• وفقًا لدستور مؤقت

لكن الشرع لم يوضح حتى الآن ما إذا كان ينوي الترشح في تلك الانتخابات.

تحذير روسي ورسائل متعددة الاتجاهات

تحمل تصريحات لافروف رسائل واضحة:

• تحذير للولايات المتحدة من مغبة الاستمرار في دعم كيانات انفصالية

• تأكيد على تمسك روسيا بوحدة سوريا

• دعوة لإعادة بناء الدولة السورية على أساس التعددية والحوار

وفي ظل تعقيدات المشهد السوري، تبقى مسألة شمال شرق سوريا واحدة من أخطر الملفات القابلة للانفجار، ما لم يتم احتواؤها ضمن تسوية سياسية شاملة تحظى بإجماع وطني ودعم إقليمي ودولي متوازن.