زيارة مريبة في ظل توترات إقليمية
ماذا تحمل زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إلى إثيوبيا من رسائل سياسية وأمنية؟

أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر زيارة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التقى خلالها رئيس الوزراء آبي أحمد ووزير الخارجية الإثيوبي جيديون تاموثيوس، في مشهد يعكس حرص تل أبيب على توسيع نفوذها في منطقة القرن الإفريقي وتعزيز تحالفاتها مع قوى إقليمية مؤثرة مثل إثيوبيا.
القاهرة يقظة للتحولات بالمنطقة
تأتي هذه الزيارة في وقت شديد الحساسية حيث تشهد فيه المنطقة تحولات استراتيجية متسارعة، أبرزها تصاعد الهجمات الحوثية على إسرائيل من اليمن، وتنامي الحديث عن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر عبر موانئ إريتريا أو السودان، الأمر الذي تتابعه القاهرة عن كثب وتعده تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية.
وصرح الوزير الإسرائيلي خلال مؤتمر صحفي مشترك، فقد أكد أن "الهجمات الحوثية تمثل تهديدًا ليس فقط لإسرائيل بل لإفريقيا والمجتمع الدولي بأسره"، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"التعاون بين الحوثيين المدعومين من إيران وحركة الشباب المتشددة التي تهاجم إثيوبيا". وبهذا الربط، تسعى تل أبيب لتصوير ما يحدث كجزء من تهديد شامل من محور معادٍ يشمل إيران وأذرعها بالمنطقة.
تحالف طويل الأمد بين الجانبين
كما أشار ساعر إلى أن إسرائيل وإثيوبيا "قوتان إقليميتان" تربطهما علاقات تاريخية وثقافية وأمنية راسخة، مؤكدًا على تحالف طويل الأمد بين الجانبين، وهو ما كرره آبي أحمد في تصريحات على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قال فيها إن العلاقات بين تل أبيب وأديس أبابا "قوية وعريقة وتمتد إلى مجالات عديدة تشمل السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والمجتمع".
هذه التصريحات تعكس توافقًا سياسيًا واضحًا بين الطرفين، في وقت تسعى فيه إسرائيل إلى توسيع حضورها في إفريقيا، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية التي تهدد مكانتها وتحالفاتها التقليدية، ومع تزايد العزلة السياسية التي تعانيها على الساحة الدولية بسبب الحرب في غزة.
وتأتي هذه الزيارة أيضًا قبل انطلاق منتدى اقتصادي مرتقب بين رجال الأعمال في البلدين، بحسب ما أعلنته وكالة الأنباء الإثيوبية، ما يشير إلى رغبة حقيقية في توسيع الشراكات التجارية والاقتصادية، وهو ما يربط الأمن بالاقتصاد في إطار إستراتيجية شاملة للتقارب بين الطرفين.
دلالات وتوقيت الزيارة
-
أمنيًا: تأتي في ظل تصعيد التهديدات من اليمن وحركة الشباب في الصومال، وتسعى إسرائيل لتحصين نفسها عبر علاقات أمنية قوية مع دول القرن الإفريقي.
-
سياسيًا: تحاول إسرائيل اختراق العمق الإفريقي سياسيًا، وتوظيف التحالفات لمواجهة عزلتها في المحافل الدولية.
-
اقتصاديًا: يعكس المنتدى الاقتصادي المقرر بين الجانبين رغبة متبادلة في تنشيط الاستثمارات والتبادل التجاري، خاصة في مجالات التكنولوجيا والمياه والزراعة.
لكن الأهم في نظر المراقبين هو أن الزيارة قد تحمل رسائل غير مباشرة إلى مصر، التي تراقب بحساسية متزايدة تحركات إثيوبيا باتجاه البحر الأحمر، ومحاولاتها إقامة تحالفات تعزز طموحاتها الجيوسياسية. فتل أبيب تدرك أن دعم إثيوبيا قد يشكل ورقة ضغط غير مباشرة في ملف سد النهضة أو ملف النفوذ في البحر الأحمر، ما قد يخلق توترًا إضافيًا في العلاقات بين مصر وإسرائيل.
الزيارة تتجاوز المجاملة الدبلوماسية، وتؤسس لتحالف إقليمي متعدد الأوجه
مما لاشك فية ان زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إلى إثيوبيا تحمل أبعادًا تتجاوز المجاملة الدبلوماسية خصوضا في ظل توترات إقليمية وقد وتؤسس لتحالف إقليمي متعدد الأوجه بين قوتين تسعيان لتعزيز نفوذهما في إفريقيا. وفي ظل التهديدات المتزايدة من الحوثيين وحركة الشباب، والتنافس الإقليمي على الموانئ والنفوذ في البحر الأحمر، فإن هذه الزيارة قد تعيد رسم بعض معالم التحالفات في القرن الإفريقي، وسط ترقب مصري شديد لما ستؤول إليه الشراكة الإسرائيلية الإثيوبية.