الإعلام العبري ومحاولات التهويل.. فبركات حول صفقة مقاتلات F-15 بين مصر وأمريكا
تواصل بعض وسائل الإعلام العبرية — وعلى رأسها مجلة "يسرائيل ديفينس" — إطلاق تقارير لا تخلو من الفبركة والتهويل، في محاولة لإثارة الجدل والشحن الإعلامي ضد القاهرة.
فقد زعمت المجلة الإسرائيلية في تقريرها الأخير أن المفاوضات بين مصر والولايات المتحدة حول صفقة مقاتلات F-15 قد تدخل مرحلة جديدة في نوفمبر 2025، مشيرة إلى أن القاهرة بدأت، بحسب ادعائها، بالتوجه إلى الصين لشراء مقاتلات بديلة من طراز J-10C وJ-35A.
تهويل إعلامي متجدد
كالعادة، لم يخلُ التقرير من النبرة التحريضية التي تتعمد وسائل الإعلام العبرية اعتمادها عند تناول أي تطور يخص القوات المسلحة المصرية، إذ تحاول تضخيم الخلافات أو المماطلات في أي صفقة تسليح، لتصوير الأمر وكأنه أزمة أو توتر بين القاهرة وواشنطن.

ورغم أن المجلة أشارت إلى أن الصفقة لم تُوقع رسميًا بعد، فإنها أغفلت عمدًا أن هذا الوضع طبيعي في صفقات التسليح الكبرى التي تمر بعدة مراحل فنية وسياسية وأمنية قبل إتمامها، لا سيما مع الدول ذات الثقل الإقليمي كمصر.
واقع مختلف.. مصر تملك أحدث المنظومات
من ناحية أخرى، تؤكد التصريحات الرسمية المصرية — وعلى رأسها ما جاء على لسان قائد القوات الجوية المصرية — أن مصر تمتلك بالفعل أحدث المنظومات الجوية والدفاعية القادرة على حماية سمائها وتأمين مصالحها الاستراتيجية، بما في ذلك منظومات شرقية وغربية متطورة تحقق التوازن المطلوب في ساحة متقلبة.
كما أن القاهرة ليست في سباق شراء بل في إدارة استراتيجية متكاملة تشمل التدريب، الصيانة، والتطوير المحلي لمنظومات السلاح، وهو ما يُغفله الإعلام العبري عمدًا لإظهار مصر وكأنها تسعى بشكل عاجل لأي بديل خارجي.
ذرائع "التفوّق النوعي" وازدواجية المعايير
وكعادته، استند الإعلام العبري في تقريره إلى ذريعة الحفاظ على "التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل"، وهو المبدأ الذي تستخدمه واشنطن لتبرير تأخير أو تعطيل بعض صفقات السلاح في الشرق الأوسط.
لكن من الواضح أن تكرار هذا الخطاب يخدم أجندة إسرائيلية دعائية أكثر منه واقعية، إذ تحاول تل أبيب عبر منصاتها الإعلامية أن تُبقي أي تقارب عسكري مصري-أمريكي تحت الضغط السياسي والإعلامي.
التعاون المصري الأمريكي مستمر رغم المزاعم
وعلى عكس ما تحاول بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية الإيحاء به، فإن العلاقات الدفاعية بين القاهرة وواشنطن تسير بخطى ثابتة، والدليل على ذلك موافقة الولايات المتحدة مؤخرًا على تزويد مصر بأنظمة دفاع جوي متقدمة من طراز NASAMS بقيمة 4.7 مليار دولار — وهي صفقة ضخمة تُظهر استمرار الثقة المتبادلة بين البلدين في المجال العسكري.
الإعلام العبري.. بين المبالغة والافتراء
ليس جديدًا أن يختار الإعلام العبري التركيز على ملفات التسليح المصرية لإثارة القلق والتشويش، عبر تسريبات أو تقارير تُبنى على "مصادر خاصة" مجهولة، بهدف خلق صورة مشوشة عن الموقف المصري، والتأثير على الرأي العام الإقليمي والدولي.
وتأتي هذه الحملات في إطار سياسة دعائية ممنهجة تتبناها بعض المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية لتقويض صورة مصر كقوة إقليمية صاعدة تمتلك قرارها السيادي واستقلالها العسكري.
محاولات لتضخيم طبيعيّات المشهد التفاوضي وتحويلها إلى رواية سياسية
إن التقارير العبرية حول ما يُسمى بـ"جمود صفقة F-15" ليست سوى محاولات لتضخيم طبيعيّات المشهد التفاوضي وتحويلها إلى رواية سياسية تخدم أجندة التهويل والتشكيك في القدرات المصرية.
وفي المقابل، تواصل مصر بهدوء تحديث منظومتها الدفاعية من مصادر متعددة — أمريكية، أوروبية، وشرقية — بما يضمن حماية أمنها القومي وتحقيق التوازن الاستراتيجي في المنطقة، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي والفبركات العبرية.

















