غرامة لبنك بسبب الرسائل والمشهد يعيد للأذهان إزعاج شركات المحمول والعقارات مي مصر

فرضت السلطات في روسيا غرامة مالية على أحد البنوك بسبب إغراقه أحد عملائه بسيل متواصل من الرسائل والمكالمات الهاتفية تجاوزت 170 رسالة خلال شهرين فقط وكان الهدف منها مطالبته بسداد دين متأخر بينما شركمات المحمول في مصر تغرق عملائها بالرسائل الترفهية وغيرها دون داع هذه القضية التي تبدو للوهلة الأولى حدثا عاديا سلطت الضوء على قضية أكبر تتعلق بحقوق العملاء وحدود الممارسات التجارية للبنوك والشركات وكيف يمكن أن تتحول وسائل التذكير أو التسويق إلى مصدر إزعاج يهدد خصوصية الأفراد

تجاوز الحدود المسموح بها في التواصل مع العملاء

الهيئة الفيدرالية للمنفذين القضائيين في مقاطعة سفيردلوفسك الروسية أكدت في بيان رسمي أن أحد سكان مدينة ديغتيارسك تقدم بشكوى رسمية بعد أن شعر أن هاتفه أصبح هدفا دائما للبنك الذي يطالبه بالسداد وبعد فتح التحقيق تبين أن البنك لم يلتزم باللوائح المنظمة لأنشطة استرداد الديون حيث تجاوز الحدود المسموح بها في التواصل مع العملاء

غرامة مالية قدرها 100 ألف روبل

البيان أوضح أن الهاتف المحمول للعميل تلقى أكثر من 170 مكالمة ورسالة في فترة قصيرة وهو ما يمثل انتهاكا صريحا للقانون الروسي الذي يحمي حقوق المواطنين أثناء تعاملهم مع البنوك وشركات استرداد الديون وبناء على ذلك تمت معاقبة البنك وفقا للمادة 1457 من قانون المخالفات الإدارية وفرضت عليه غرامة مالية قدرها 100 ألف روبل

هذه الواقعة في روسيا تفتح الباب للمقارنة مع ما يعيشه ملايين المصريين بشكل شبه يومي نتيجة ممارسات مشابهة تقوم بها شركات المحمول في مصر إضافة إلى شركات العقارات التي تطارد العملاء بعشرات الرسائل النصية والمكالمات الدعائية يوميا دون مراعاة لخصوصيتهم أو لمدى انزعاجهم من هذه الحملات التسويقية المكثفة ورغم الشكاوى المتكررة فإن هذه الظاهرة ما زالت تتوسع يوما بعد يوم

رسائل شركات المحمول في مصر تستغل بياناتهم دون موافقة واضحة

في مصر يتلقى المستخدمون رسائل متكررة من شركات المحمول تعرض عروضا ترفيهية أو خدمات لا يحتاجها العميل أصلا ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى تلقي عدة رسائل في الساعة الواحدة وهو ما يثير غضب المستهلكين الذين يرون أن شركات الاتصالات تستغل بياناتهم دون موافقة واضحة أما في سوق العقارات فتسعى الشركات الكبرى والمتوسطة على حد سواء إلى الوصول إلى العملاء عبر الرسائل النصية والمكالمات اليومية مستغلة أي بيانات متاحة حتى وإن كان الشخص لم يبد أي اهتمام بالعقارات في الأساس

المثير أن هذه الممارسات لا تؤثر فقط على راحة المستخدم بل قد تتسبب في تعطيل أعماله أو إزعاجه في أوقات حساسة ومع ذلك فإن غياب التشريعات الصارمة أو ضعف تطبيقها يجعل هذه الظاهرة متكررة ويجعل المستهلك في حالة صراع دائم بين حاجته لاستخدام هاتفه وبين محاولاته لتجنب الرسائل غير المرغوبة

السلطات تستطيع أن تحمي المواطن إذا تم تطبيق القانون بشكل صارم وشفاف

الخبر الروسي يحمل درسا مهما لمصر وغيرها من الدول حيث يوضح أن السلطات تستطيع أن تحمي المواطن إذا تم تطبيق القانون بشكل صارم وشفاف فالغرامة التي فرضت على البنك في روسيا تمثل رسالة واضحة لكل المؤسسات المالية والتجارية بأن حقوق العملاء فوق أي اعتبار وأن المبالغة في استخدام وسائل التواصل قد تكلف الشركات خسائر مالية وسمعة سيئة

ضوابط تضمن حق العميل في رفض الرسائل الدعائية

أما في مصر فإن الحاجة إلى تشريعات حقيقية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى إذ ينبغي على الجهات التنظيمية في قطاع الاتصالات والعقارات أن تضع ضوابط واضحة تضمن حق العميل في رفض الرسائل الدعائية أو تحديد عددها المسموح به يوميا كما هو معمول به في دول عديدة هذه الخطوة لن تحمي المستهلك فقط بل ستعزز أيضا ثقة الجمهور في الشركات وستجعل الحملات التسويقية أكثر فعالية لأنها ستصل إلى الأشخاص المهتمين فعليا بالخدمة أو المنتج

القضية الروسية تسلط الضوء كذلك على جانب إنساني مهم يتعلق باحترام خصوصية الفرد وعدم استغلال حاجته أو ضعفه الاقتصادي في إغراقه بالرسائل والمكالمات المزعجة فالعملاء ليسوا مجرد أرقام في قاعدة بيانات بل هم بشر لهم حقوق وكرامة ومن حقهم أن يعيشوا دون أن تتحول هواتفهم إلى وسيلة ضغط متواصل

خطوة مماثلة لوضع حد لهذا الإزعاج اليومي واستغلال بيانات عملاء شركات المحمول

في النهاية يمكن القول إن ما حدث في روسيا هو جرس إنذار يجب أن تسمعه جميع الشركات في العالم بما فيها مصر فالتسويق المفرط عبر الرسائل قد يجلب بعض الأرباح السريعة لكنه على المدى الطويل يضر بسمعة الشركات ويجعل العملاء يبحثون عن بدائل أكثر احترامًا لخصوصيتهم وبينما فرضت روسيا غرامة مالية على بنك متجاوز فإن السؤال المطروح في مصر اليوم هو متى سيتخذ المسؤولون خطوة مماثلة لوضع حد لهذا الإزعاج اليومي الذي يعاني منه المواطنون