فضائح داخل مكتب نتنياهو: سارة تشعل ”وكر الدبابير”.. إقالات واستقالات بالجملة بسبب تدخلاتها

يشهد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حالة من التوتر والانقسام غير المسبوق، في ظل تقارير متواترة عن تدخلات متكررة لزوجته، سارة نتنياهو، في شؤون الموظفين وإدارتها لدوائر النفوذ خلف الكواليس، الأمر الذي دفع مراقبين لوصف المكتب بأنه تحوّل إلى "وكر دبابير".
تحقيقات وإقالات وتعيينات مثيرة للجدل
تقرير موسع نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، كشف أن بيئة العمل في مكتب نتنياهو "سامة" بدرجة غير معتادة، حيث لا تقتصر التحديات على ضغط العمل والمناخ السياسي المتوتر، بل تتفاقم بسبب تدخلات زوجة رئيس الوزراء التي تقود إلى صدامات مباشرة مع المستشارين وكبار الموظفين، تنتهي غالبًا بإقالاتهم أو دفعهم للاستقالة.
من بين أبرز الأسماء التي طالتها تلك التدخلات، مدير المكتب السابق يائير كاسبريوس، الذي تم وضعه في "إجازة قسرية" عام 2024، بعد أزمة ثقة حادة مع سارة نتنياهو. السبب؟ اتهامات من إحدى الموظفات بأنه أساء الحديث عنها برسائل خاصة. رغم نفي كاسبريوس واستعداده للخضوع لاختبار كشف الكذب، أصرت سارة على إبعاده.
ما أثار الجدل أكثر، هو أنه ظل يتقاضى راتبًا شهريًا يتجاوز 30 ألف شيكل أثناء جلوسه في المنزل، بناءً على تعليمات يُقال إنها صدرت من تساحي بروفرمان، رئيس ديوان رئيس الوزراء والمقرب بشدة من سارة نتنياهو. وعلى الرغم من فتح تحقيق رسمي من مفوضية الدولة، تم إغلاق الملف بدعوى عدم وجود "أساس تأديبي كافٍ".
شبكة ولاء لا خبرة.. والمهنية ضحية
التقارير تُظهر أن الولاء لعائلة نتنياهو بات هو المعيار الأول للتعيين في مناصب المكتب الحساسة، بدلًا من الكفاءة والخبرة. ففي فبراير الماضي، تم تعيين دروريت شتاينمتس مديرة مؤقتة للمكتب، وهي شخصية معروفة بولائها الشديد لسارة نتنياهو، بعد إبعاد يوسي شيلي، المدير العام السابق، الذي نُقل إلى منصب سفير في الإمارات.
كما شملت التدخلات تعيين متحدث جديد باسم رئيس الوزراء، زيف أغمون، وهو محامٍ لا يمتلك أي خبرة في العمل الإعلامي، لكن قربه من عائلة نتنياهو، وتحديدًا من سارة، مكّنه من تولي المنصب. تعيين أغمون جاء على حساب المتحدث السابق عومر دوستري، الذي قدم استقالته بعد صدامات متكررة مع زوجة نتنياهو، رغم مساعدته لها في عدة مناسبات.
وتشير المصادر إلى أن دوستري لم يُقَل بشكل مباشر، بل تمت الإطاحة به بهدوء، إذ حُذف اسمه فجأة من قائمة الوفد الرسمي المتجه إلى واشنطن، في خطوة مفاجئة. مكتب رئيس الوزراء سارع لاحقًا إلى نفي أي صلة لسارة بالأمر، معتبرًا تلك المزاعم "محاولة إعلامية لتشويه صورتها".
مشهد عبثي: شغور في المناصب وشبح سارة يهيمن
لا يقف الأمر عند الإقالات فقط، بل إن عدة مناصب حيوية في مكتب نتنياهو لم تُشغل حتى الآن، بسبب فشل نتنياهو في إيجاد شخصيات "مناسبة" ترضى بتولي المناصب وسط هذه الفوضى. فحتى الآن، لا يوجد رئيس لجهاز الإعلام الوطني، رغم الأوضاع الحرجة التي تمر بها إسرائيل داخليًا وخارجيًا.
كما فُتح تحقيق ضد يوناتان أوريخ، المستشار المقرب لنتنياهو سابقًا، بسبب شبهات بصلته بتلقي أموال من قطر، مما أدى إلى إبعاده من المكتب، وهو الذي كان يُعد عرّاب "آلة السم" الإعلامية التابعة لرئيس الوزراء.
دعم إعلامي تحت الضغط.. من يعود ومن يُقصى؟
في خضم هذا الفراغ، يعود طوباز لوك، مسؤول "النيو ميديا" السابق، إلى الساحة مرة أخرى، وهذه المرة كمستشار إعلامي لحزب الليكود، لا كرجل دولة. ورغم ذلك، يُنتظر أن يرافق نتنياهو في زيارته إلى واشنطن، رغم عدم قدرته على السفر على متن الطائرة الرسمية "جناح صهيون" بسبب صفته الحزبية.
إلى جانبه، يبقى عوفر جولان أحد القلائل الذين صمدوا في المكتب، رغم التوتر المتصاعد. ويتوقع أن يتولى جولان ولوك مسؤولية الدعم الإعلامي مؤقتًا، بدلًا من أغمون.
بين السياسة والعائلة.. "الدولة رهينة"
التقارير تكشف بوضوح أن سارة نتنياهو ليست مجرد زوجة لرئيس وزراء، بل فاعل مؤثر في دوائر القرار والإدارة، لدرجة أن بعض الوزراء والمستشارين باتوا يفضلون الاستقالة على الدخول في مواجهات مع "السلطة غير الرسمية" داخل المكتب.
هذا الوضع يطرح تساؤلات مقلقة في إسرائيل، حول مدى قدرة رئيس الوزراء على إدارة حكومته بشكل مستقل، في ظل تزايد الانتقادات حول "تغوّل" زوجته وتأثيرها على تسيير المرافق العامة وتعيينات الدولة.
في النهاية، يبدو أن العبء الأكبر لا يقع فقط على الموظفين الذين يُجبرون على المغادرة، بل على مؤسسات الدولة التي أصبحت - وفق تقارير الصحافة العبرية - تدفع ثمن تدخلات شخصية لا تحمل أي صفة رسمية، لكنها تحكم من خلف الستار.