القواعدالأمريكية في الخليج من الحماية إلى عبء استراتيجي و تهديد للأمن والسيادة

تعيش منطقة الخليج العربي تحولات استراتيجية متسارعة تتعلق بطبيعة وجود القواعد العسكرية الأمريكية في دولها بعد عقود طويلة من اعتبارها مظلة حماية أمنية باتت هذه القواعد في الآونة الأخيرة ينظر إليها من قبل بعض القوى السياسية خلال الحرب التي تدور رحاها اان بين إيران وإسرائيل على أنها عبء أمني وسياسي يهدد استقرار الدول المضيفة بدلًا من أن يعزز أمنها وفقا لمبدأ وجودها
كان هدفها ضمان استقرار المنطقة وردع أي تهديد خارجي خاصة من إيران
تاريخيًا استقر الوجود الأمريكي في الخليج منذ حرب الخليج الثانية مطلع التسعينيات على أساس ضمان استقرار المنطقة وردع أي تهديد خارجي خاصة من إيران ومع الوقت توسعت هذه القواعد لتشمل انتشارًا جويًا وبحريًا في الكويت وقطر والبحرين والإمارات والسعودية وتحوّلت إلى مراكز تنسيق عسكري إقليمي ودولي
التوترات المتكررة بين الولايات المتحدة وإيران في جعل تلك القواعد أهدافًا محتملة
لكن التحولات الجيوسياسية الأخيرة أدت إلى إعادة تقييم هذا الوجود فقد تسببت التوترات المتكررة بين الولايات المتحدة وإيران في جعل تلك القواعد أهدافًا محتملة لأي تصعيد عسكري وهو ما ظهر بوضوح في حالات الاستهداف المتبادل عبر طائرات مسيرة وصواريخ داخل العراق وسوريا بل وأحيانًا داخل الأراضي الخليجية
كانت تؤمن الاستقرار أصبحت اليوم تُستخدم كورقة ضغط في النزاعات الدولية
باتت بعض الحكومات الخليجية تدرك أن القواعد الأجنبية التي كانت في الماضي تؤمن الاستقرار أصبحت اليوم تُستخدم كورقة ضغط في النزاعات الدولية كما أن وجودها يُحمّل الدول المضيفة كلفة سياسية في علاقتها مع شعوبها ومع قوى إقليمية تسعى إلى بسط نفوذها دون الحاجة لوجود عسكري غربي مباشر
اعادة النظر في حجم وطبيعة التعاون العسكري مع الولايات المتحدة وطرح بدائل أمنية قائمة على شراكات إقليمية عربية
في السياق نفسه برزت دعوات داخل بعض البرلمانات والمجالس السياسية الخليجية تطالب بإعادة النظر في حجم وطبيعة التعاون العسكري مع الولايات المتحدة وطرح بدائل أمنية قائمة على شراكات إقليمية عربية أو تطوير القدرات الدفاعية الذاتية للدول الخليجية خاصة في ظل ما وصفه بعض المراقبين بتراجع التزام واشنطن الفعلي بأمن حلفائها في المنطقة مقارنة بالعقود السابقة
الجانب الأخطر في استمرار القواعد الأمريكية يكمن في ما تمثله من استفزاز واضح لبعض القوى المناوئة للغرب وعلى رأسها إيران والجماعات المسلحة التابعة لها وهو ما يجعل أي خطأ أمريكي أو تصعيد مفاجئ سببًا في تعريض المدن الخليجية لمخاطر مباشرة دون أن تكون تلك الدول هي الطرف المباشر في الصراع
التكلفة الاقتصادية المرتبطة بوجود تلك القواعد أمرًا يستدعي المراجعة
كما أن التحديات الاقتصادية التي تمر بها بعض دول الخليج في ظل تراجع أسعار النفط والتحولات في الاقتصاد العالمي تجعل من الكلفة الاقتصادية المرتبطة بوجود تلك القواعد أمرًا يستدعي المراجعة خاصة إذا كانت هذه القواعد لم تعد تضمن الحماية كما كان يُعتقد سابقًا
في الوقت نفسه تتجه بعض الدول الخليجية إلى تنويع تحالفاتها الدفاعية مثل التوجه نحو الصين وروسيا في بعض القطاعات أو تفعيل أطر التعاون الأمني العربي المشترك وهي إشارات تعكس عدم الرضا الكامل عن الاعتماد المطلق على الولايات المتحدة
الحماية يجب أن تأتي من الداخل لا من الخارج
يمكن القول إن الرؤية التقليدية التي كانت تعتبر القواعد الأمريكية ضمانة أمنية حتمية بدأت تتآكل لصالح رؤية أكثر سيادية ترى أن الحماية يجب أن تأتي من الداخل لا من الخارج وأن الوجود العسكري الأجنبي بات عامل قلق لا عنصر استقرار وأن استمرار هذا النهج سيقود في النهاية إلى مفترق طرق حاسم في العلاقة بين واشنطن وعواصم الخليج الكبرى