دعم الإمارات لقوات الدعم السريع في السودان.. الدعوى أمام محكمة العدل الدولية وكشف المصالح الخفية

مشهد معقد.. السودان يتهم والإمارات تنفي وسط صراع إقليمي محتدم
تتصاعد الأزمة في السودان على وقع الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حمدتي)، لتخرج القضية إلى الساحة الدولية مع لجوء الحكومة السودانية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، متهمةً الإمارات العربية المتحدة بدعم المتمردين على حساب الشعب السوداني.
في مشهد يعكس تعقيدات الصراع الإقليمي ومصالح القوى الخارجية، تجد الإمارات نفسها في مرمى اتهامات مباشرة بأنها لعبت دورًا جوهريًا في تأجيج الأزمة السودانية، ما دفع الحكومة الشرعية إلى تدويل القضية وتقديم ملف اتهام موثق بالأدلة.
اتهامات صريحة.. الإمارات متورطة في دعم الدعم السريع
تتهم الحكومة السودانية، بشكل مباشر، دولة الإمارات العربية المتحدة بـعدة تهم وهي :
-
تقديم دعم عسكري واسع النطاق لقوات الدعم السريع عبر إرسال أسلحة وذخائر، بعضها عبر وسطاء وشحنات جوية.
-
توفير ملاذات مالية لقيادات الدعم السريع لتحريك أموال الحرب وتمويل المجهود العسكري ضد القوات النظامية السودانية.
-
تسهيل تحركات قوات الدعم السريع عبر قواعد عسكرية خارج السودان.
-
الإمداد بالمعدات العسكرية الحديثة التي استخدمتها قوات حمدتي في السيطرة على مناطق مدنية.
وأكدت تقارير صادرة عن دوائر استخباراتية دولية أن شحنات أسلحة وصلت إلى قوات الدعم السريع عبر طرق جوية معقدة انطلاقًا من قواعد إماراتية أو بتسهيلات إماراتية في المنطقة.
دعوى السودان أمام محكمة العدل الدولية.. الأدلة المقدمة
في خطوة تصعيدية، رفعت الحكومة السودانية دعوى رسمية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها الإمارات بخرق القانون الدولي عبر:
-
التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة.
-
دعم عمليات عسكرية أدت إلى مقتل آلاف المدنيين.
-
المساهمة في تهجير قسري واسع للسكان من العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى.
وقدمت السودان إلى المحكمة ملفًا موثقًا يتضمن:
-
صورًا للأدلة الميدانية لشحنات أسلحة مصدرها الإمارات.
-
تسجيلات لاتصالات استخباراتية تؤكد تورط جهات إماراتية رسمية في تسهيل الدعم العسكري.
-
إفادات شهود عيان تم تسجيلها رسمياً تشير إلى مشاهدة معدات عسكرية حديثة تحمل علامات إماراتية بأيدي قوات الدعم السريع.
-
تقارير منظمات دولية حول الانتهاكات التي ارتكبت باستخدام تلك الأسلحة.
ومن المتوقع أن تبدأ المحكمة جلسات الاستماع الأولية خلال الأسابيع المقبلة.
ما هي مصالح الإمارات في السودان؟
يرى مراقبون أن تدخل الإمارات في السودان يخدم عدة أهداف استراتيجية، أبرزها:
-
السيطرة على موارد السودان الطبيعية، لا سيما الذهب الذي تسيطر قوات الدعم السريع على مناجمه.
-
تعزيز نفوذها الإقليمي عبر دعم ميليشيات مسلحة موالية لها يمكن استخدامها كورقة ضغط في الملفات الإقليمية.
-
منافسة قوى إقليمية أخرى مثل تركيا وقطر في الساحة السودانية.
-
إضعاف الدولة السودانية المركزية لخلق بيئة تنافسية غير مستقرة تستفيد منها اقتصادياً وعسكرياً.
ويخشى العديد من السودانيين أن يؤدي استمرار التدخل الإماراتي إلى تفتيت البلاد وإطالة أمد الحرب، مما يدمر مقدرات السودان لسنوات طويلة مقبلة.
النفي الإماراتي الرسمي
في المقابل، نفت الإمارات بشكل قاطع جميع الاتهامات الموجهة إليها.
وأصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانًا رسميًا جاء فيه:
"دولة الإمارات ملتزمة تمامًا بمبادئ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. ما يتم تداوله من اتهامات لا يستند إلى أي أساس من الصحة، والإمارات تدعو إلى حل الأزمة السودانية عبر الحوار السياسي بين جميع الأطراف."
وأضاف البيان أن الإمارات تواصل دعم جهود السلام الدولية في السودان عبر مبادرات إنسانية وإغاثية تهدف إلى تخفيف معاناة الشعب السوداني.
كما طالبت أبوظبي بضرورة تقديم الأدلة المزعومة إلى التحقيق الدولي إن وُجدت، مؤكدة حقها في اتخاذ خطوات قانونية ضد ما أسمته "التشهير الممنهج".
مشهد معقد ينتظر الحسم الدولي
بين اتهامات صريحة ونفي رسمي، تجد الأزمة بين السودان والإمارات طريقها نحو التصعيد القانوني أمام محكمة العدل الدولية، وسط ترقب دولي حذر.
ويبقى السؤال الأبرز:
هل تستطيع السودان أن تثبت تورط الإمارات بالدليل القاطع وتدفع المحكمة الدولية لاتخاذ موقف رسمي؟ أم ستظل القضية سجالًا سياسيًا وإعلاميًا بين الطرفين؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بكشف مصير واحدة من أخطر الأزمات التي تمزج بين الحرب الأهلية والصراع الإقليمي على النفوذ والثروات.