أدب استقلال المواصلات العامة في مصر.. مترو الأنفاق نموذجًا والاحترام أساس التعايش
في ظل الزحام اليومي الذي تشهده المواصلات العامة، يبرز الالتزام بآداب السلوك كضرورة مجتمعية لا تقل أهمية عن تطوير البنية التحتية نفسها. فالمركبات العامة، وعلى رأسها مترو أنفاق القاهرة، تمثل مساحة مشتركة تضم أطيافًا مختلفة من المجتمع، ما يجعل الاحترام المتبادل والالتزام بالقواعد سبيلاً وحيدًا لتجنب الاحتكاكات وضمان رحلة آمنة للجميع.
وتأتي هذه القضية إلى الواجهة مع تكرار وقائع الجدل داخل المترو، آخرها مشادة أُثيرت حولها نقاشات واسعة بشأن حدود النصيحة، وحرية الفرد، وآداب التعامل في الأماكن العامة، مع التأكيد على أن الهدف من تناول مثل هذه الوقائع هو التوعية وليس الإدانة أو التبرير.
مترو الأنفاق يخصص عربات للنساء.. خطوة للحماية والراحة
حرصت الهيئة القومية للأنفاق منذ سنوات على تخصيص عربات مخصصة للسيدات في مترو القاهرة، وذلك في إطار حماية النساء من أي مضايقات محتملة، وتوفير بيئة أكثر راحة وأمانًا لهن، خاصة في أوقات الذروة.
ويُعد هذا الإجراء تنظيمًا حضاريًا معمولًا به في دول عدة، ويؤكد أن الالتزام بالنظام واحترام الاختيارات المتاحة (عربة مخصصة للنساء أو عامة) يسهم في تقليل الاحتكاك ويضمن حقوق الجميع.
الواقعة محل الجدل.. اختلاف رؤى لا مبرر للتجاوز
كشف عبدالعال الصعيدي تفاصيل المشادة التي جمعته بفتاة داخل إحدى عربات المترو بالقاهرة، مؤكدًا أنه لم يقصد الإساءة، وأن حديثه جاء من منطلق ما يراه قيمًا وتقاليد نشأ عليها.
وقال الصعيدي إن طلبه كان “بهدوء واحترام”، بينما ردت الفتاة بأن ما تقوم به حرية شخصية، وهو ما اعتبره إساءة له، لافتًا إلى أنه لم يكن يعلم بتصوير الواقعة.
ومع اختلاف الروايات، تبقى الحقيقة الأهم أن المواصلات العامة ليست ساحة لفرض الآراء أو القيم الشخصية، وأن النصيحة – إن وُجدت – يجب أن تكون بضوابط واضحة، أو تُترك للجهات المختصة والقواعد المنظمة.
![]()
أدب المواصلات العامة.. قواعد بسيطة تقلل الخلاف
تتفق الأعراف والقوانين على مجموعة من السلوكيات التي تُعرف بـأدب المواصلات العامة، من أبرزها:
-
احترام الخصوصية الشخصية وعدم التدخل في شؤون الآخرين
-
الالتزام بالهدوء وعدم رفع الصوت أو التعدي اللفظي
-
الجلوس بطريقة لا تزعج المحيطين
-
احترام كبار السن وذوي الهمم
-
الالتزام بتعليمات المرفق، ومنها العربات المخصصة
هذه القواعد لا تنتقص من الحرية الشخصية، بل تنظمها داخل الحيز العام.
الحرية الشخصية وحدودها في الأماكن العامة
الحرية الشخصية مكفولة للجميع، لكنها في الأماكن العامة تتقاطع مع حرية الآخرين، وهو ما يستدعي التوازن بين التعبير عن الذات واحترام المحيط. وفي المقابل، فإن فرض الوصاية أو إطلاق الأحكام قد يؤدي إلى توتر غير مبرر، ويخالف روح التعايش التي تقوم عليها المدن الكبرى.

رسالة توعوية: الاحترام المتبادل هو الحل
إن تخصيص عربات للنساء، ووجود لوائح واضحة داخل المترو، يؤكد أن النظام هو الفيصل عند أي خلاف. كما أن اللجوء إلى التصعيد اللفظي أو الجسدي لا يخدم أحدًا، بينما يبقى الالتزام بالقانون والاحترام المتبادل الطريق الأقصر لرحلة آمنة.
ثقافة أدب المواصلات العامة
تُظهر مثل هذه الوقائع الحاجة الملحّة إلى نشر ثقافة أدب المواصلات العامة، بعيدًا عن الاستقطاب أو التبرير. فالمترو وغيره من وسائل النقل ليست مجرد وسيلة انتقال، بل مساحة مشتركة تتطلب وعيًا جماعيًا. ومع التزام الجميع بالقواعد، واحترام الاختلاف، يصبح الطريق أكثر أمانًا وهدوءًا، وتظل كرامة الإنسان هي الخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه تحت أي ظرف.




