نرمين نبيل تكتب : فوضى السوشيال ميديا وتصفية الحسابات.. من وسيلة تواصل إلى ساحة صراع علني

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي اليوم أكثر من مجرد وسيلة للتواصل والترفيه، بل تحولت إلى ساحة معارك حقيقية لتصفية الحسابات. لم تعد هذه المنصات مجرد مساحات للتعبير عن الأفكار والمشاعر، بل أصبحت مسرحا لمواجهة الغضب الشخصي والنزاعات العائلية والسياسية، وهو ما يثير القلق بشأن تأثيرها على المجتمع.
السوشيال ميديا.. من التعبير إلى المواجهة
الكثير من الناس يستخدمون السوشيال ميديا كمنفذ لتفريغ مشاعرهم، أحيانًا دون مراعاة للآخرين. ست غاضبة من زوجها قد تنشر بوست مليء بالاتهامات أو الانفعال، وولد يريد زيادة مصروفه يكتب منشورًا بطريقة ضغط غير مباشرة على والديه. هذا الاستخدام العفوي والشخصي قد يبدو طبيعيًا للبعض، لكنه في الواقع يمثل جزءًا من فوضى أكبر، حيث تتحول المنصات الاجتماعية إلى ساحة لتصفية الحسابات الصغيرة، أحيانًا على حساب الخصوصية والعلاقات الإنسانية.
أما على المستوى الأكبر، فالخلافات السياسية والاجتماعية على السوشيال ميديا أصبحت مكشوفة للجميع. النقاشات تتحول سريعًا إلى شتائم وتراشق بالاتهامات، وأحيانًا إلى هجمات شخصية مباشرة، بدلًا من أن تكون مساحة للحوار البناء. هذه الظاهرة لا تؤدي فقط إلى فقدان الاحترام بين الناس، بل تزيد أيضًا من الانقسامات المجتمعية وتجعل من الصعب الوصول إلى توافق أو حلول وسط.
مشاعر مكشوفة.. وخصوصية مفقودة
من ناحية أخرى، فوضى السوشيال ميديا تشجع على السطحية. الناس غالبًا ما يكتبون ويعلقون في لحظة غضب أو انفعال، دون التفكير في العواقب أو حقيقة الموقف. النتيجة هي تراكم الخلافات، وتحول الحسابات الشخصية إلى ساحة تصفية حسابات يومية، تتحول معها منصات التواصل إلى مصدر ضغط نفسي بدلًا من كونها وسيلة تواصل مفيدة.
الحل.. وعي رقمي لا حظر افتراضي
الحل ليس في الابتعاد عن السوشيال ميديا بالكامل، بل في استخدام هذه المنصات بحذر ووعي. من المهم أن نراجع دوافعنا قبل النشر، وأن نميز بين التعبير عن الرأي وبين الانفعال الغير محسوب الذي قد يضر بنا أو بالآخرين. إذا تم التعامل مع السوشيال ميديا كمساحة للتواصل الإيجابي والتعبير المسؤول، يمكنها أن تعود إلى دورها الأساسي: ربط الناس وليس تحويلهم إلى خصوم.
في النهاية، فوضى السوشيال ميديا وتصفية الحسابات اليومية تعكس جزءًا من طبيعة الإنسان المعاصر، لكنها تضع أمامنا تحديًا كبيرًا: كيف نحافظ على علاقتنا بالآخرين ونستخدم هذه الوسائل بحكمة، بدلًا من السماح لها أن تتحول إلى ساحة صراع مستمرة؟