بكفالة مبالغ فيها
لبنان.. المحقق العدلي يقرر إخلاء سبيل هنيبعل القذافي بكفالة 11 مليون دولار

قرر المحقق العدلي في لبنان، القاضي زاهر حمادة، إخلاء سبيل هنيبعل القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بكفالة مالية ضخمة قدرها 11 مليون دولار، وسط اعتراض من فريق الدفاع الذي اعتبر المبلغ غير منطقي بعد عشر سنوات من الاحتجاز التعسفي.
قرار قضائي يثير الجدل
أصدر المحقق العدلي اللبناني في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، القاضي زاهر حمادة، قرارًا بإخلاء سبيل هنيبعل القذافي مقابل كفالة مالية ضخمة بلغت 11 مليون دولار أمريكي، مع منعه من مغادرة الأراضي اللبنانية إلى حين استكمال الإجراءات القانونية.
ويأتي القرار بعد نحو عشر سنوات من احتجاز هنيبعل القذافي داخل السجون اللبنانية، على خلفية اتهامه بـ“كتم معلومات” تتعلق بملف اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا عام 1978، وهي القضية التي لا تزال تمثل أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقات اللبنانية – الليبية.
دفاع هنيبعل القذافي: “الكفالة غير واقعية”
وفي أول رد رسمي، أعرب فريق الدفاع عن هنيبعل القذافي عن استغرابه من القرار، مؤكدًا أن موكلهم لا يمتلك هذا المبلغ المالي نظرًا لأن أمواله مجمدة وخاضعة للعقوبات الدولية منذ عام 2012.
وقال الفريق القانوني إن فرض كفالة بهذا الحجم بعد “احتجاز تعسفي دام عقدًا من الزمن” يعد إجراءً غير منطقي وغير قابل للتنفيذ، خاصة أن موكلهم لا يملك القدرة على دفع أي مبالغ مالية أو التصرف بأمواله المجمدة.
وأشار الدفاع إلى أن بعض أشقاء هنيبعل القذافي تمكنوا خلال السنوات الماضية من رفع العقوبات عن أموالهم، بينما لم يتمكن هو من ذلك بسبب ظروف خطفه وسجنه في لبنان منذ عام 2015.
خلفية القضية
تعود بداية القصة إلى ديسمبر 2015، حين أوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية هنيبعل القذافي بعد أن تم استدراجه من سوريا إلى لبنان في عملية وصفتها عائلته لاحقًا بأنها اختطاف سياسي.
وذكرت السلطات اللبنانية حينها أن التوقيف جاء على خلفية معلومات تتعلق بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه خلال زيارة رسمية إلى ليبيا عام 1978، في عهد والده معمر القذافي.
ورغم أن هنيبعل كان حينها في الثانية من عمره فقط عند وقوع الحادثة، فقد وُجهت إليه تهمة كتم معلومات، ليبقى رهن التوقيف الاحتياطي في مديرية قوى الأمن الداخلي ببيروت لما يقارب عشر سنوات دون محاكمة نهائية، ما أثار انتقادات محلية ودولية بشأن قانونية احتجازه وطبيعة التهم الموجهة إليه.
انتقادات حقوقية واسعة
منذ عام 2016، صدرت بيانات من منظمات حقوقية دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تطالب بإطلاق سراح هنيبعل القذافي، معتبرة أن استمرار توقيفه دون محاكمة عادلة يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
وأكد فريق الدفاع أن موكلهم تعرض خلال فترة احتجازه إلى معاملة قاسية ومهينة، وأنه لا يملك أي معلومات عن قضية الإمام الصدر نظرًا لصغر سنه عند وقوعها.
وطالب محاموه بإعادة النظر في قرار الكفالة المالية، أو استبدالها بإجراء قانوني أكثر عدالة وإنسانية، بما يتناسب مع ظروفه الحالية وحقوقه القانونية.
قضية الإمام موسى الصدر.. جرح مفتوح منذ 1978
اختفى الإمام موسى الصدر، مؤسس حركة “أمل” اللبنانية، في أغسطس 1978 خلال زيارة رسمية إلى ليبيا بدعوة من نظام معمر القذافي، برفقة الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين.
ومنذ ذلك الحين، لم يُعرف مصيرهم، وتحوّل الملف إلى قضية وطنية لبنانية ذات أبعاد سياسية ودينية، ولا تزال بيروت تُحمّل النظام الليبي السابق مسؤولية اختفائهم.
بين القانون والسياسة
يرى مراقبون أن قرار القاضي اللبناني زاهر حمادة بإخلاء سبيل هنيبعل القذافي قد يشكل بداية لانفراجة قانونية في القضية، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام جدل سياسي واسع حول طبيعة الاتهامات وملف العلاقات بين لبنان وليبيا.
ويعتقد محللون أن تحديد كفالة مالية بهذا الحجم يعكس رغبة القضاء اللبناني في إنهاء مرحلة الاحتجاز المطول، دون أن يُتهم بإغلاق الملف، مع الإبقاء على المنع من السفر كإجراء احترازي إلى حين تسوية الوضع القانوني النهائي.