التحقيق في لافتة «اليهود ممنوعون هنا» داخل متجر بفلنسبورغ بالمانيا: إشعالٌ للجدل واستدعاءٌ لذاكرة النازية

فتح الادعاء العام في مدينة فلنسبورغ (ولاية شلزفيغ-هولشتاين) تحقيقًا جنائيًا بعد تعلّيق متجر لافتة كتِب عليها: «اليهود ممنوعون من الدخول! لا شيء شخصيًّا، ولا معاداة للسامية، فقط لا أطيقكم». وبحسب الشرطة، تلقّت السلطات مساء الأربعاء 17 سبتمبر 2025 عدة بلاغات قادت إلى إزالة الورقة من الواجهة «منعًا للخطر وحفظًا للنظام العام»، فيما يُراجع الادعاء شبهة «التحريض على الكراهية» (Volksverhetzung) بحق صاحب المتجر، مع فحص المخالفات المحتملة الأخرى.
صاحب المتجر، هانس فِلتِن رايش (60 عامًا)، وضع الإعلان في محله الكائن بشارع دوبورغر
وذكرت تقارير محلية أن صاحب المتجر، هانس فِلتِن رايش (60 عامًا)، وضع الإعلان في محله الكائن بشارع دوبورغر، وأن البلاغات التي وصلت للشرطة تحولت إلى مسار تحقيق مشترك بين شُرطة أمن الدولة والنيابة. وأفاد متحدّث باسم الشرطة بأن التقييم القانوني النهائي ما زال قيد الدراسة.
إدانات رسمية وتحذير من تكرار التاريخ
ندّد مفوّض الحكومة الاتحادية لشؤون الحياة اليهودية ومكافحة معاداة السامية فيليكس كلاين بالحادث واصفًا إيّاه بأنه «حالة واضحة من معاداة السامية ويجب التدخّل فورًا»، مرحّبًا بتقديم الشكاوى والدعوات لاتخاذ إجراءات صارمة. كما قالت وزيرة التعليم الاتحادية كارين بريين إن «من يعبّر عن معاداة السامية ويبرّرها يقف ضد كل ما يقوم عليه تعايشنا الديمقراطي»، مطالبة بردٍّ حازم من السلطات.
على مستوى التفاعلات الخارجية، وصف سفير إسرائيل في برلين رون بروصور الواقعة بأنها «عودة لأجواء ثلاثينيات القرن الماضي»، في إشارةٍ مباشرة لافتتاحيات الإقصاء النازي لليهود عبر اللافتات والمقاطعات والمتاجر «الممنوعة».
لماذا تشكّل الواقعة خطًا أحمر في ألمانيا؟
-
سياق تاريخي مُثقل: اللافتات الإقصائية كانت من مقدمات الاضطهاد النازي التي انتهت بالمحرقة؛ لذا تُعامَل اليوم كجرس إنذار مبكر على منزلقات خطيرة.
-
مقتضى القانون الجنائي: نصّ «التحريض على الكراهية» يجرّم الأفعال الخطابية التي تُهدِّد السِّلم العام وتحطّ من كرامة فئة دينية أو عرقية عبر الازدراء الجماعي أو الدعوة للإقصاء—وهو ما يُتمحور حوله تحقيق النيابة. اختبار للردّ المؤسسي: سرعة إزالة اللافتة وتلقّي الشكاوى وتدويرها إلى تحقيق النيابة وشرطة أمن الدولة يُقاس عليها مدى يقظة الدولة والمجتمع تجاه صعود الخطاب المعادي للسامية.
ما وراء الواقعة
تُظهر الحادثة كيف يمكن لـ«ورقة في واجهة محل» أن تُشعل نقاشًا وطنيًا حول حدود حرية التعبير عندما تتحوّل إلى إقصاءٍ جماعي يستهدف معتقدًا دينيًا. في المقابل، يرى قانونيون أن التجريم الجنائي يظل الفيصل حين تنتقل اللغة من الرأي إلى الفعل التحريضي الذي يهدد السِّلم والكرامة الإنسانية. وتذكّر هذه الواقعة أيضًا بضرورة التربية المدنية والذاكرة التاريخية في محاربة أنماط الكراهية التي قد تعود بصيغٍ جديدة، لكنها تحمل الخطورة نفسها.
الخلاصة: تحقيق فلنسبورغ ليس مجرد إجراء روتيني؛ إنما رسالة بأن الإقصاء المؤدلج—ولو في ورقة—ليس له مكان في الفضاء العام الألماني. وتبقى العيون على النيابة العامة ونتائج التحقيق، وما إذا كانت ستفضي إلى توجيه اتهامات رسمية، في وقتٍ تتزايد فيه الدعوات لعقوبات رادعة وإجراءات توعوية تحصّن المجتمع من تكرار الدروس القاسية للماضي.