أوربا في ورطة
أزمة ”مفتاح القتل”.. هل يستخدم ترامب مقاتلات F-35 للضغط على ألمانيا وأوروبا؟
مخاوف أوروبية متزايدة من أن الولايات المتحدة قد تعطل أسطول الطائرات المقاتلة F-35 الألماني عن بُعد.. فهل يتحول السلاح إلى أداة سياسية؟
مع تصاعد التوترات السياسية بين أوروبا والولايات المتحدة، تلوح في الأفق أزمة دفاعية جديدة، حيث يخشى المسؤولون الأوروبيون أن يلجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استخدام "مفتاح القتل" لتعطيل مقاتلات F-35 التي يفترض أن تعزز سلاح الجو الألماني، تمامًا كما جمد المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
ما هو "مفتاح القتل" ولماذا يثير القلق؟
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة التلجراف البريطانية، فإن هناك تكهنات طويلة الأمد حول امتلاك الولايات المتحدة قدرة تقنية لتعطيل طائرات F-35 عن بعد، مما يضع جميع الدول الحليفة التي اشترت هذه الطائرات تحت رحمة القرارات الأمريكية.
حتى الآن، لم يتم إثبات هذه الفرضية، لكن المخاوف تتزايد بعد قرار ترامب بتجميد دعم أنظمة F-16 الأوكرانية، مما أدى إلى توقفها عن العمل.
الخوف الأوروبي يتزايد، خاصة مع إعلان ألمانيا عن شراء 35 مقاتلة F-35، بقيمة 8.3 مليار يورو، والتي من المقرر تسليمها العام المقبل.
ترامب وتصعيد الضغوط الدفاعية على الحلفاء
سياسة ترامب تجاه أوروبا أصبحت أكثر تشددًا، حيث يرى أن العديد من دول الناتو لا تساهم بما يكفي في ميزانية الحلف، وهو ما دفعه سابقًا لتهديد بانسحاب الولايات المتحدة من الحلف إذا لم تلتزم الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها العسكري.
يرى محللون أن ترامب قد يستخدم "مفتاح القتل" كأداة ضغط سياسي على ألمانيا، تمامًا كما فعل مع أوكرانيا بتجميد المساعدات العسكرية وإيقاف دعم أنظمة F-16، مما أجبر كييف على التفاوض مع روسيا.
في حال لجأ ترامب إلى هذا الخيار، فسيضع ألمانيا ودول الناتو في موقف دفاعي ضعيف، مما سيدفع أوروبا لإعادة النظر في اعتمادها المفرط على الولايات المتحدة في المجال الدفاعي.
هل فعلاً يمكن للولايات المتحدة تعطيل طائرات F-35؟
وزارة الدفاع السويسرية نفت التقارير التي تشير إلى أن الولايات المتحدة تمتلك القدرة على تعطيل طائرات F-35 عن بُعد، مؤكدة أن الطائرة يمكن تشغيلها بشكل مستقل تمامًا من قبل الدول المالكة لها.
رئيس الاتصالات في شركة هينسولدت الألمانية للصناعات الدفاعية، يواكيم شرانزهوفر، قال إن "مفتاح القتل" في طائرة F-35 ليس مجرد شائعة، مما يزيد المخاوف حول مدى استقلالية هذه الطائرات خارج السيطرة الأمريكية.
رئيس الدفاع البلجيكي، الجنرال فريدريك فانسينا، قال إن F-35 ليست طائرة يتم التحكم فيها عن بعد، في محاولة لطمأنة الحلفاء الأوروبيين.
مخاوف من التبعية الدفاعية لأوروبا تجاه واشنطن
وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن 55% من الأسلحة التي استوردتها الدول الأوروبية بين 2019-2023 جاءت من الولايات المتحدة، مقارنة بـ 35% فقط في الفترة 2014-2018.
مع تزايد الاعتماد الأوروبي على السلاح الأمريكي، تبرز تساؤلات حول قدرة أوروبا على تحقيق استقلالية دفاعية في ظل احتمال استخدام واشنطن لهذه التكنولوجيا للضغط السياسي.
ألمانيا، التي تعتبر أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، تعتمد بشكل متزايد على صفقات السلاح الأمريكية، مما يجعلها عرضة لأي تغير في سياسات البيت الأبيض.
كيف تستعد أوروبا لمواجهة هذا التحدي؟
أعلنت شركة راينميتال، أكبر شركة لصناعة الذخيرة في أوروبا، أنها ستعيد استخدام مصنعين مخصصين لإنتاج قطع السيارات لصنع معدات دفاعية، في خطوة لتعزيز القدرة العسكرية الأوروبية.
يرى المحللون أن على الاتحاد الأوروبي تطوير صناعة دفاعية مستقلة، بحيث لا تكون قدراته العسكرية رهينة للقرارات الأمريكية، خاصة مع احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 2025.
بريطانيا وفرنسا وألمانيا بدأت بالفعل مشاريع عسكرية مشتركة، مثل تطوير مقاتلة "FCAS" الأوروبية، كبديل مستقبلي لطائرات F-35، ولكن هذه المشاريع لا تزال في مراحلها الأولية.
ما تأثير "مفتاح القتل" على العلاقة بين أوروبا وأمريكا؟
يرى الخبراء أن العلاقات الدفاعية بين أوروبا وأمريكا قد تشهد توترًا كبيرًا إذا ثبتت صحة مزاعم قدرة واشنطن على تعطيل الطائرات عن بُعد.
قد يدفع ذلك بعض الدول الأوروبية لإعادة النظر في تحالفها العسكري مع واشنطن، والبحث عن بدائل أكثر استقلالية في مجال التصنيع الحربي.
إذا استخدم ترامب هذا السلاح السياسي، فقد يشجع الدول الأوروبية على الاستثمار أكثر في الصناعات الدفاعية المحلية، وتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية.
في النهاية، السؤال الأهم هو: هل ستتمكن أوروبا من كسر احتكار أمريكا لتكنولوجيا الطائرات المقاتلة؟ وهل تتحول العلاقات الدفاعية بين الطرفين إلى صراع نفوذ بدلًا من تحالف استراتيجي؟
