نرمين نبيل تكتب : أنس الشريف ومحمد قريقع… التغطية مستمرة والحكاية لا تموت
في غزة كان هناك بطلان يقفان وسط الرماد ورائحة البارود وبقايا حطام المنازل هم انس الشريف ومحمد قريقع لم يكونا مجرد صحفيين عابرين للمشهد بل كانا قلبه النابض وعينيه المفتوحتين على الحقيقة يوثقان وسط الدمار وينقلان للعالم صورة لا يريد الاحتلال أن ترى ولا تصل ولا توثق
الكامير أقوي من بندقية الأحتلال
لم يرحلا صدفة لقد استهدفا لأنهما اختارا الصف الأول حيث الخطر أكبر وحيث الصورة تساوي آلاف الصرخات الاحتلال كان يعرف أن الكاميرا أقوى من بندقيته وأن اللقطة التي تكشف جرائمه أخطر عليه من أي مواجهة عسكرية لهذا كان الصحفيون دائما في مرمى نيرانه لأنهم ليسوا مجرد ناقلين للأحداث بل شهودا على الجريمة وفاضحين لزيف روايته أمام العالم
انس ومحمد لم يذهبا بحثا عن مجد شخصي أو شهرة عابرة بل ذهبا حاملين أمانة ثقيلة أمانة أن يروا العالم ما يحدث فعلا أن يرفعوا صوت غزة فوق الضجيج العالمي أن ينقلوا وجوه الأطفال الذين صاروا أكبر من أعمارهم وأن يلتقطوا اللحظة التي تحاول يد الاحتلال محوها قبل أن تولد
انس ومحمد لم يكتبا الفصل الأخير من الحكاية بل تركاه مفتوحا لنا لنكمله سنروي ما رأيتموه وما التقطتموه وما لم يسعفكم الوقت لتوثيقه
لن يسمح للقاتل ان ينتصر
في غزة الكلمة قد تقتل والصورة قد تمحى والصحفي قد يغتال لكن الحكاية تظل حية في قلوب من تبناها انس ومحمد دماؤكما لن تنسى وحكايتكما لن تدفن سنرويها كما أردتما حتى آخر نفس
وسنبقى نروي لا لأننا نبحث عن البطولة بل لأننا نؤمن أن الصمت خيانة وأن ترك الحقيقة تموت يعني السماح للقاتل أن ينتصر سنروي لأن كل صورة التقطتموها هي وصية وكل كلمة كتبتموها هي عهد وكل خطوة خطوتموها نحو الخطر كانت إعلانا بأن الحرية لا تمنح
بداية فصل جديد فصل يكتبه كل من آمن أن العدسة أقوى من الرصاصة
رحيلكم أيها البطلان ليس نهاية الحكاية بل بداية فصل جديد فصل يكتبه كل من آمن أن العدسة أقوى من الرصاصة وأن الضوء مهما كان ضعيفا قادر أن يشق طريقه وسط العتمة..
كان لأنس الشريف كلمة مشهورة جداً في نقل الأحداث وهي "التغطية مستمرة" الاحتلال يظن ان التغطية انتهت باستهدافه لكن الحقيقة انها لم تنتهى ولن تنتهي ابدا لان التغطية ما زالت مستمرة.. في غزة الحقيقة تقتل لكنها لا تموت
