فزع داخل إسرائيل بعد انفجار معدلات الانتحار بين جنود الاحتلال منذ اندلاع حرب غزة

تشهد دولة الاحتلال الإسرائيلي واحدة من أخطر أزماتها الداخلية منذ عقود، ليست على الجبهات العسكرية، بل في صفوف جنودها الذين يواجهون ضغوطًا نفسية غير مسبوقة بفعل الحرب الدموية على غزة.
فقد كشفت وثيقة رسمية صادرة عن مركز البحث والمعلومات التابع للكنيست عن ارتفاع صادم في حالات الانتحار داخل الجيش، ما أثار موجة فزع حقيقية داخل المؤسسة العسكرية والرأي العام الإسرائيلي.

وبحسب الوثيقة، فإن الحرب التي بدأت في غزة لم تترك أثرها فقط على مسار المواجهة، بل أطلقت سلسلة من الاضطرابات النفسية العميقة، والتي تجلت في ارتفاع انتحار الجنود، وازدياد محاولات الانتحار بين الجنود النظاميين والاحتياط، خاصة أولئك الذين شاركوا في عمليات الاقتحام والمجازر داخل القطاع.

124 جنديًا انتحروا خلال أقل من 8 سنوات.. وارتفاع مرعب منذ حرب غزة

تشير الوثيقة إلى أن 124 شخصًا من الخدمة الإلزامية والدائمة والاحتياط النشط أقدموا على الانتحار خلال السنوات الثماني الأخيرة، دون احتساب الجنود الذين انتحروا بعد تسريحهم من الخدمة.

زيادة خطيرة بين جنود الاحتياط

قبل الحرب، كان المنتحرون ينتمون غالبًا إلى الخدمة الإلزامية، لكن منذ بدء العمليات في غزة ارتفعت نسبة المنتحرين من الاحتياط لتصل إلى حالة واحدة شهريًا، وهو رقم غير مسبوق يعكس مستوى الاحتراق النفسي التي يعيشه الجنود العائدون من الجبهة.

المقاتلون أكثر عرضة للانتحار

تُظهر البيانات أن نسبة المقاتلين في الوحدات المشاركة بالعمليات ارتفعت بشدة بين المنتحرين بعد أشهر من القتال داخل غزة، خاصة مع توثيق جنودهم للمجازر، والاشتباكات الضارية، ورؤية مشاهد صادمة تركت آثارًا نفسية لم تستطع وحدات الدعم داخل الجيش التعامل معها.

غياب الرعاية النفسية.. 83% من المنتحرين لم يتلقوا أي دعم

أحد أخطر ما كشف عنه التقرير هو أن:

• فقط 17% من المنتحرين التقوا بضابط صحة نفسية قبل حادث الانتحار بشهرين.

• وجود قوائم انتظار طويلة قد تصل إلى عدة أشهر للحصول على موعد واحد.

• عدم تفعيل إجراءات المراقبة للجنود ذوي الخطورة العالية.

محاولات الانتحار أخطر مما يظهر

على مدار عام ونصف، وثّق الجيش 279 محاولة انتحار، 12% منها خطيرة، أي بمعدل 7 محاولات مقابل كل جندي ينهي حياته بالفعل.

هذا الرقم، وفق محللين نفسيين إسرائيليين، لا يعكس فقط الاضطرابات الفردية، بل انهيار المنظومة النفسية داخل الجيش بالكامل.

نماذج صادمة لجنود انتحروا بسبب صدمة غزة

فيما يلي أبرز الأمثلة التي كشف عنها التقرير أو وسائل الإعلام الإسرائيلية:

1. الجندي "عومري ن." – انتحار بعد 3 أسابيع من انسحابه من غزة

• شارك في اقتحام حي الشجاعية.

• شاهد رفاقه يُقتلون في كمين للمقاومة.

• عاد إلى منزله مصابًا بالكوابيس وفقدان الشهية.

• انتحر باستخدام سلاحه الشخصي داخل سيارته.

2. الرقيب الاحتياط "يوآف س." – فقدان القدرة على التأقلم

• تم استدعاؤه للاحتياط 4 مرات خلال الحرب.

• كان يعاني من صدمة ميدانية شديدة (PTSD).

• طلب مقابلة ضابط الصحة النفسية ولم يحصل على موعد.

• انتحر بعد أسبوعين من عودته من شمال غزة.

3. المجندة "نوعا ش." – انهيار نفسي بسبب مركز القيادة

• لم تشارك في القتال، لكنها عملت في غرفة تحليل فيديوهات العمليات.

• أصيبت بانهيار عصبي بعد مشاهدتها تسجيلات القتال.

• حاولت الانتحار مرتين قبل أن تُنقل للعلاج خارج الجيش.

إجراءات الجيش الإسرائيلي.. اعتراف بالأزمة دون حلول

أعلنت وزارة الدفاع عن:

• فتح مركز مساعدة نفسي، لكنه لا يعمل 24 ساعة.

• تجنيد مئات ضباط الصحة النفسية الاحتياطيين.

• وضع مختص نفسي في كل لواء قتالي.

• تدريب القادة على اكتشاف علامات الانهيار النفسي.

لكن التقرير يؤكد أن الجيش:

• لم يقدم تفاصيل عن أعمار المنتحرين أو خلفياتهم الاجتماعية.

• لم يكشف عن إجراءات التحقيق بعد كل حالة انتحار.

• لم يوضح كيف يتم دعم الاحتياط بعد عودتهم إلى حياتهم المدنية.

• لم يرد على طلبات معلومات مهمة للكنيست.

أي أن الصورة ناقصة بشدة، بينما الظاهرة تتفاقم بوتيرة تثير الذعر داخل المؤسسة العسكرية.

لماذا يرتفع الانتحار بين جنود الاحتلال؟.. الأسباب النفسية العميقة

يربط باحثون نفسيون الارتفاع الحاد في الانتحار بعوامل أبرزها:

1. صدمات القتال داخل غزة

مشاهد الموت، الضربات المباغتة، الكمائن، رؤية زملاء قتلى.

2. الشعور بالذنب بعد مجازر ضد المدنيين

عدد كبير من الجنود تحدثوا عن "عقدة الذنب" بعد تنفيذ عمليات قتالية أدت لقتل عائلات فلسطينية.

3. خوف من العودة إلى الحرب

خاصة بعد إعلان الجيش احتمال توسيع العمليات في 2025–2026.

4. ضعف الرعاية النفسية

الأسباب التنظيمية داخل الجيش تزيد من عزلة الجنود.

الجيش الإسرائيلي في أزمة داخلية عميقة

ارتفاع الانتحار ليس مجرد رقم، بل مؤشر على:

• الانهيار النفسي داخل وحدات الجيش.

• تأثير مجازر غزة على الجنود بشكل يضرب تماسكهم الداخلي.

• فشل المنظومة العسكرية في احتواء الجنود بعد الحرب.

وتشير التقديرات إلى أن الظاهرة قد تتفاقم خلال العام المقبل، خاصة مع استمرار الاستدعاءات المتكررة لجنود الاحتياط.