خطة ترامب لتحويل المستودعات إلى مراكز احتجاز ضخمة للمهاجرين غير الشرعيين: تصعيد جديد في سياسات الهجرة ومشاكل متفاقمة تواجه المهاجرين منذ توليه الحكم
تصعيد جديد في سياسات الهجرة الأمريكية
كشفت قناة "إن بي سي نيوز" الأمريكية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخطط لتحويل مستودعات تجارية ضخمة إلى مراكز احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين، بهدف توسيع عمليات الترحيل وتسريع الإجراءات ضد من يدخلون الأراضي الأمريكية بطرق غير قانونية.
ووفقاً للتقرير، فإن هذه المستودعات العملاقة، التي كانت مخصصة في الأصل لشركات كبرى مثل أمازون ومتاجر التجزئة الإلكترونية، ستُحوّل إلى منشآت احتجاز بمساحة تفوق ضعف حجم مراكز الاحتجاز الحالية، مما سيمكن السلطات الأمريكية من احتجاز عشرات الآلاف من المهاجرين في وقت واحد.
زيادة قياسية في أعداد المهاجرين المحتجزين
ذكرت قناة "CBS News" أن عدد المهاجرين المحتجزين في مرافق الجمارك وحرس الحدود بلغ 66 ألف محتجز، وهو رقم قياسي جديد يتجاوز الرقم المسجل خلال الفترة الرئاسية الأولى لترامب، حين وصل إلى 56 ألف محتجز.
وأشار المتحدث باسم وكالة الجمارك وحرس الحدود (ICE) إلى أن البنية التحتية الجديدة مصممة لاستيعاب ما يصل إلى 70 ألف شخص، في ظل توقعات بزيادة أعداد المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا خلال الأشهر المقبلة.
خلفية القرار: رؤية ترامب الصارمة تجاه الهجرة
منذ توليه السلطة، تبنّى دونالد ترامب نهجاً متشدداً تجاه ملف الهجرة، مبرراً سياساته بضرورة حماية الحدود الأمريكية ومنع "تسلل غير الشرعيين"، حسب وصفه.
وكان ترامب قد أعلن في خطاب سابق أن نحو 25 مليون شخص دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني قبل توليه الرئاسة، متعهداً بتنفيذ أكبر حملة ترحيل في تاريخ البلاد.
وفي أعقاب ذلك، وقع مرسوماً رئاسياً أعلن فيه حالة الطوارئ على الحدود الأمريكية المكسيكية، ما سمح بتخصيص ميزانيات استثنائية لبناء الجدار الحدودي الشهير وتشديد الإجراءات الأمنية في جميع نقاط الدخول.
مشاكل المهاجرين في عهد ترامب: من العنف إلى فقدان الحقوق

منذ بداية تطبيق هذه السياسات، واجه المهاجرون في الولايات المتحدة سلسلة من الأزمات الإنسانية، أبرزها:
-
انفصال الأطفال عن ذويهم:
خلال عامي 2018 و2019، انتشرت صور ومقاطع فيديو تُظهر أطفالاً محتجزين في أقفاص معدنية بعد فصلهم عن عائلاتهم عند الحدود، ما أثار إدانات دولية واسعة. -
تدهور أوضاع مراكز الاحتجاز:
وثّقت تقارير لمنظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية معاناة آلاف المحتجزين من سوء التغذية، وانعدام الرعاية الصحية، والاكتظاظ الشديد داخل مراكز الاحتجاز، خاصة في ولايات مثل تكساس وأريزونا. -
ترحيلات جماعية دون مراجعة قانونية كافية:
اتُهمت الإدارة الأمريكية بتسريع عمليات الترحيل دون منح المحتجزين الوقت الكافي للاستعانة بمحامين أو تقديم طلبات لجوء، ما اعتُبر انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان. -

-
التمييز ضد الأقليات:
واجه المهاجرون القادمون من أمريكا الوسطى والمكسيك خصوصاً تمييزاً عنصرياً، سواء في المعاملة أو في فرص الحصول على اللجوء، وهو ما تسبب في احتجاجات داخل الولايات المتحدة وخارجها.
أبعاد اقتصادية وسياسية للقرار
يأتي هذا القرار في سياق استعداد ترامب لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث يسعى إلى تعزيز صورته أمام قاعدته الانتخابية المحافظة التي ترى في التشدد تجاه الهجرة وسيلة لحماية فرص العمل والأمن القومي الأمريكي.
لكن مراقبين يرون أن هذه الخطوة ستؤدي إلى أزمة إنسانية جديدة، كما قد تفتح الباب أمام صدامات بين الحكومة والمنظمات الحقوقية والكنائس الأمريكية التي ترعى آلاف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين.
مقارنة بحوادث سابقة وسياسات مشابهة
سياسات ترامب ليست الأولى من نوعها في التاريخ الأمريكي، لكنها تعدّ الأكثر قسوة وشمولاً منذ عقود.
-
ففي عام 1996، تبنت إدارة بيل كلينتون قانوناً مشابهاً شدّد العقوبات على المهاجرين غير الشرعيين.
-
أما في عهد جورج بوش الابن، فتم بناء جدار جزئي على الحدود مع المكسيك، لكن دون الوصول إلى حجم الإجراءات التي طبقها ترامب.
-
كما أن إدارة أوباما رحّلت أكثر من 3 ملايين شخص، لكنها لم تعتمد مبدأ الاحتجاز الجماعي كما يفعل ترامب الآن.
أزمة إنسانية تتفاقم
تحويل المستودعات التجارية إلى مراكز احتجاز عملاقة قد يفتح فصلاً جديداً من المعاناة الإنسانية للمهاجرين، في ظل غياب رؤية واضحة لمعالجة الأسباب الحقيقية للهجرة، مثل الفقر والحروب في بلدان المنشأ.
وبينما ترى إدارة ترامب أن هذه الخطط "تحمي الأمن القومي"، يرى حقوقيون أنها تحول أمريكا من أرض الحريات إلى سجن جماعي للمهاجرين.
إنّ تصاعد الأزمة يُنذر بمرحلة جديدة من الانقسام الداخلي في الولايات المتحدة بين دعاة التشدد وأنصار حقوق الإنسان، ويجعل من ملف الهجرة أحد أكثر الملفات حساسية في السياسة الأمريكية الحديثة.





