سعيد محمد أحمد يكتب : سوريا .. والانهيار الدراماتيكي
المؤكد ان كل ما يجرى من زخم على الاراضى السورية يسير ضد الاسد ونظام الحكم، كما من المؤكد أيضا آن الجميع مع بقاء الدولة والوطن السورى فى ان يكون سالما، كما إن شكل وحجم الانهيار لخطوط دفاع الجيش العربى السورى بشكل سريع كان مفاجئا" للجميع" باستثناء "تركيا" ، بل وأصاب الجميع بالذهول فى تساؤل عفوى : كيف للجيش سورى أن ينهار فى لمح البصر؟ .
سقوط حلب.. انعكاسات استراتيجية خطيرة
فيما حقيقة الأمر شكل سقوط "حلب" المفاجئ كاكبر مدينة سورية يتجاوز تعداد سكانها ربما الست ملايين نسمة العديد من الدروس المفاجئة والشديدة الخطورة والأهمية لروسيا ولدول الجوار ، وبما يؤكد إن مايجرى الان بات يهدد فعلا بتغيير جذرى لخريطة السيطرة والنفوذ والصراع على الارض السورية بعد مرور عشر سنوات ليستعيد السوريين التداعيات الكبيرة والاشد خطورة على الداخل السورى، خاصة وان هدف "جبهة النصرة " ويقودها ابو محمد الجولانى المعلن الانقلاب على نظام الحكم، وانعكاساته الخطيرة على دول الجوار السورى من تقدم تلك الفصائل والتنظيمات الارهابية فى التقدم نحو العاصمة دمشق .
الأسئلة الكبيرة في أحداث سوريا
ويبقى السؤال: هل من المعقول هذا السقوط الدراماتيكي للدولة السورية وبلمح البصر؟ وما حقيقةً الآمر وما يجرى فى سوريا وكيف جرى ولماذا جرى؟
أعتقد ايضا ان ما يجرى على الارض السورية من احداث متلاحقة قد تجاوزت خطة استانا من خفض التصعيد بسقوط اكبر المدن السورية " حلب " بأيدي دواعش العصر وبعلم وبدعم وتخطيط ومتابعة الرئيس رجب طيب اردوغان والذى يشكل المظلة المموله والحامية والجيدة والمتواصلة مع هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة " وهو ما شكل تجاوزا حقيقيًا على ارض الواقع لكل اتفاقات خفض التصعيد فى استانا .
وهل اصبح لدى القوى الموجودة فى سوريا والتى ستجرى اجتماعاتها فى الدوحة حاليا القدرة على التطبيق الصارم لاتفاقات خفض التصعيد؟ والتى وقعوا عليها فى استانا وسقطت بسقوط "مدينة حلب"تحت اقدام جبهة النصرة"تنظيم القاعدة سابقا ولاحقا".
ويبقى السؤال ماذا عن الموقف الروسى وتأخره فى مسانده حليفة سوريا ؟ وهل وصل الراعى الروسى الى قناعة بعدم قدرة النظام السورى على المواجهة؟ فى ظل استمرار تراجع الجيش العربى السورى عن كامل مواقعة وبكل هدوء وسلاسه.
ربما قد يحمل ذلك الموقف العسكرى السورى قدرا كبيرا من العقل والحكمة وربما تجاوز لحمامات الدماء التى قد يخشاها كل السوريين دون استثناء، وهو موقف فى تقديرى يتسم بالشرف فى الحفاظ على حياة الابرياء من ملايين السوريين بسبب القناعه ان المواجهة العسكرية مع ما يجرى على ارض الواقع هى فى محصلتها النهائية ليس سوى الخراب والدمار .
الالتزام بما تم التوقيع علية فى اتفاق استانا
وهل وصلت موسكو أيضا الى تلك الدرجة من الضعف فى التأثير على باقى الشركاء واطراف الصراع على سوريا الالتزام بما تم التوقيع عليك فى اتفاق استانا ؟
وهل يعنى ذلك تخلى موسكو تماما عن حليفها السورى باعلان فشلها فى توفير الحد الادنى من الحماية ؟ وهل انسحبت روسيا بالفعل من سوريا وفق ما يتردد عبر اجهزة الاعلام والسوشيال ميديا فى انشغالها بما يجرى فى اوكرانيا؟
وهل باعت ايران وحزب الله أيضا حليفها النظام السورى ما بين ليلة وضحاها؟ وعدم قدرتها على تقديم اوجه الدعم والمساندة، حفاظا على مصالحها أولآ ، وربما تلافيا لمخاطر المواجهة مع إسرائيل على الاراضى السورية ومع الداخل السورى بسبب حجم وخطورة التمدد الايرانى فى مختلف الاراضى السورية ودون ان يقدم أيضا من جانبة قدرا من الحماية للشعب السورى.
ما كان يخطط له أردوغان من الانتقام مع الرئيس السورى بشار الاسد الذى تجاهل دعواته لعده أشهر برفضه التصالح
وعلى جانب أخر اشارت معظم التقارير الاخبارية والميدانية فى معظم الاراضى السورية، ان ما يجرى عليها قد لا يتوافق ولا يتماشى مع ما كان يخطط له أردوغان من الانتقام مع الرئيس السورى بشار الاسد الذى تجاهل دعواته لعده أشهر برفضه التصالح او التطبيع مع تركيا دون انسحاب قوات الاحتلال التركى لشمال سوريا.
وأعتقد ان ما يراه أردوغان اليوم من تمدد قوات سوريا الديمقراطية " قسد" فى معظم محافظات الشمال السورى من "الحسكة ودير الزور والرقة ومنطقة "البو كمال"احدى المعابر السورية العراقية" ومدى ارتباطها بالساحل السورى، وانسحاب الجيش العربى السورى من تلك المواقع بتوافق متزامن مع قوات سوريا الديمقراطية" قسد" أكراد سوريا،ودون اطلاق رصاصه واحدة، ويشكلون لأردوغان فى الوقت ذاته قدرا كبيرا من القلق وربما تهديدا للامن التركى وفق اوهام تركيا خاصة وان اردوغان يرى ان قوات سوريا الديمقراطية متحالفة مع الحزب العمال الكردستانى برئاسة عبدالله اوغلان المسجون حاليا فى تركيا.
ومبعث قلق اردوغان أيضا ليس فى تمدد قوات سوريا الديمقراطية فى الداخل السورى، والتى ربما قد تلقى ترحيبا كبيرا من معظم السوريين ويشكلون أخف وطاة من الوجود التركى ، بالاضافة الى ان اردوغان هنا لا يمكنه العبث مع تلك القوات التى تلقى دعما امريكيا وحماية عسكرية امريكية بحكم التواجد الامريكى فى منطقة "التنف " على الحدود السورية العراقية ،
فتحرك قوات "قسد " يتم بكل سهولة ويسر ودون اعتراض تركى لينقلب السحر على الساحر .
فما قام به الرئيس السورى بشار من إفساد لخطة اردوغان لتحييد الاكراد وهو ما رفضته سوريا فى مقابل المصالحة مع انقرة، فيما سمحت دمشق للاكراد السوريين بمساحات كبيرة بالتحرك داخل الاراضى السورية وهو ما سيشكل إزعاجًا لاردوغان فى خلط كبير للاوراق بين مختلف القوى المتصارعة على الاراضى السورية من الوجود الامريكى والوجود الروسى والوجود الايرانى والوجود التركى علاوة على قوى التحالف الدولى بما فيها بريطانيا .
ما يحمله المقال من تقديرات تقع فى اطار الانطباعات وربما القناعات وشاهدها ما يجرى على آرض الواقع
