وسط أجواء حزينة.. المسيحيون في قطاع غزة يحتفلون بعيد الميلاد ويشعلون شمعة الأمل بعد عامين من الحرب

في مشهد يختلط فيه الحزن بالأمل، احتفل المسيحيون في قطاع غزة، ممن يتبعون التقويم الغربي، بعيد ميلاد السيد المسيح، عبر إقامة الصلوات والقداسات داخل إحدى الكنائس في مدينة غزة، وذلك للمرة الأولى بعد عامين من التوقف القسري بسبب الحرب والدمار واستشهاد عدد من أبناء الطائفة المسيحية.
وأضاء المسيحيون شجرة الميلاد في البلدة القديمة بمدينة غزة، في لحظة رمزية مؤثرة، حملت دلالات عميقة على عودة الأمل بعد سنوات من القصف والحصار والخوف، في وقت غابت فيه مظاهر الفرح عن القطاع بالكامل.
عامان بلا فرح.. الحرب حرمت غزة من العيد
قال إلياس الجلدة، عضو مجلس الكنيسة العربية الأرثوذكسية، إن قطاع غزة لم يشهد خلال العامين الماضيين أي شكل من أشكال الاحتفال أو الفرح، واصفًا تلك الفترة بأنها كانت قاسية وصعبة للغاية على الشعب الفلسطيني عمومًا، وعلى المسيحيين بشكل خاص.
وأوضح أن الحرب فرضت واقعًا نفسيًا واجتماعيًا شديد القسوة، مضيفًا أن إحياء العيد هذا العام يمثل محاولة للتعافي النفسي أولًا، واستعادة الإحساس بالحياة بعد سنوات من الألم.

الجلدة: العيد بوابة أمل جديدة لغزة
وأضاف الجلدة:
«هذه بداية عودة الأمل من جديد، أن نشعر بأن الحياة عادلة هنا في غزة… عامان كانا بحكم الإعدام لكل الناس، حالة رعب وخوف وعذاب ومعاناة وتشرد ونزوح وجوع، لكننا نأمل أن تكون ذكرى ميلاد السيد المسيح هذا العام بوابة أمل جديدة تُفتح لشعب غزة».
وأكد أن المسيحيين، باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من النسيج الفلسطيني، يسعون إلى بث الفرح قدر الإمكان، خاصة للأطفال والعائلات، لإثبات أن الحياة ما زالت ممكنة في غزة رغم كل ما مرت به.
تمنيات بسيطة.. حياة طبيعية فقط

وأشار إلى أن طموحات سكان غزة باتت بسيطة للغاية، قائلًا:
«لا نطمح كثيرًا، نتمنى فقط أن نعيش كباقي شعوب العالم، أن يكون لنا بيوت، وشوارع، وكهرباء، ومياه، وأن تعود غزة للحياة من جديد».
وتساءل الجلدة بمرارة:
«هل يوجد شعب في العالم بلا كهرباء، بلا ماء، بلا غاز، بلا شوارع أو وسائل حركة؟»
مؤكدًا أن ما يطالب به الفلسطينيون هو الحق في الحياة الطبيعية فقط.
شجرة الميلاد تضيء لأول مرة منذ ثلاث سنوات
![]()
وأوضح الجلدة أن شجرة الميلاد أُضيئت هذا العام لأول مرة منذ نحو ثلاث سنوات، بعد أن حُرم الأطفال من مشاهد الفرح والاحتفال طوال تلك الفترة، مشيرًا إلى أن هذا العيد يُعد بداية العودة التدريجية للحياة الطبيعية.
وأضاف:
«في العيد الأول كنا محاصرين داخل الكنيسة ولم نتمكن حتى من الصلاة، أما هذا العام فالأجواء شبه طبيعية، وهي خطوة أولى نحو التعافي».
استحضار الألم.. ذكرى استهداف كنيسة القديس برفيريوس

من جانبه، استعاد رامز الصوري ذكريات أليمة خلال حديثه عن العيد، مشيرًا إلى بداية الحرب واستهداف كنيسة القديس برفيريوس، الذي أسفر عن استشهاد 18 شخصًا من المسيحيين، من بينهم ثلاثة من أطفاله.
وقال الصوري إن تلك الذكرى ما زالت حاضرة بقوة، مؤكدًا أن مشاعر الحزن لا تزال تسيطر على العائلات التي فقدت أحباءها، خاصة أن الاستهداف وقع في وقت كان فيه المسيحيون يستعدون للاحتفال بعيد الميلاد عام 2023.
العيد بلا مظاهر.. والصلوات وحدها حاضرة
وأضاف:
«احتفلنا خلال عامين دون احتفال حقيقي، اقتصرت الأعياد على الصلوات والطقوس الدينية فقط، بلا أي مظاهر فرح».
لكنه أشار إلى أن هذا العام شهد تغييرًا نسبيًا، مع إقامة شجرة الميلاد كرمز للأمل وبداية حياة جديدة، موضحًا أن الشجرة تعبر عن مستقبل أفضل ونهوض جديد بعد الدمار.
غزة.. طائر الفينيق الذي ينهض من الركام
واختتم الصوري حديثه بتشبيه غزة بطائر الفينيق، قائلًا:
«غزة ستنهض من هذا الركام ومن هذا الموت، كما ينهض طائر الفينيق من الرماد، وستعود للحياة رغم كل ما أصابها».

