الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

بحجة حماية المصالح التركية

البرلمان التركي يمدد لقواته في ليبيا لعامين إضافيين.. مالدوافع والاهداف؟

البرلمان التركي
-

وافق البرلمان التركي على المرسوم الرئاسي الموقع من الرئيس رجب طيب أردوغان، القاضي بتمديد مهام القوات التركية العاملة على الأراضي الليبية لمدة 24 شهرًا إضافيًا.

ويبدأ سريان التمديد الجديد اعتبارًا من 2 يناير/2026، بعد أن أحالت الرئاسة التركية المذكرة إلى البرلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، ليصبح الوجود العسكري التركي ممتدًا فعليًا لأكثر من ست سنوات متواصلة.

الإطار الرسمي للتمديد: الأمن والمصالح القومية

بحسب نص المذكرة، فإن أنقرة تبرر استمرار وجودها العسكري في ليبيا بـ:

الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا يعيق المصالحة الوطنية وتوحيد ...

  • حماية المصالح الوطنية التركية

  • الالتزام بأحكام القانون الدولي

  • مواجهة ما تصفه بـ المخاطر الأمنية الناجمة عن الجماعات المسلحة غير الشرعية

ويُقدَّم هذا التواجد رسميًا باعتباره عامل دعم لـ:

  • وقف إطلاق النار

  • المسار السياسي

  • حماية السيادة الليبية

غير أن القراءة الأعمق تكشف أبعادًا تتجاوز الخطاب الرسمي المعلن.

الجذور التاريخية للوجود العسكري التركي في ليبيا

تحليل اتجاه الإسلاميين في ليبيا: الصعود و التحول و المستقبل ...

بدأت العلاقة العسكرية الرسمية بين تركيا وليبيا في 2 يناي 2020، حين صوّت البرلمان التركي على إرسال قوات إلى ليبيا، استجابة لطلب حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا آنذاك، وذلك وفق المادة 92 من الدستور التركي التي تنظم إرسال القوات إلى الخارج.

ومنذ ذلك التاريخ، تحوّل الوجود التركي من:

  • تدخل طارئ مرتبط بمرحلة الصراع
    إلى

  • تمركز طويل الأمد ذي أبعاد عسكرية وسياسية واقتصادية.

تمديدات متتالية تعكس تحول المهمة

شهدت السنوات الماضية عدة تمديدات رسمية:

▪ يونيو 2021

تمديد لمدة 18 شهرًا، بذريعة استمرار عدم الاستقرار السياسي والأمني.

▪ نوفمبر 2023

تمديد جديد لمدة 24 شهرًا حتى يناير 2026.

▪ 2025 – التمديد الحالي

موافقة على تمديد إضافي لعامين، ما يعني استمرار الوجود حتى 2028 مبدئيًا.

وتكشف هذه التمديدات المتكررة أن الوجود التركي لم يعد استثنائيًا أو مؤقتًا، بل بات جزءًا من معادلة النفوذ في ليبيا.

لماذا تصرّ تركيا على البقاء في ليبيا؟

الموقع الجيوسياسي

ليبيا تمثل:

  • بوابة استراتيجية إلى شمال إفريقيا

  • نقطة ارتكاز في الجنوب الأوروبي – المتوسط

  • مساحة مؤثرة في معادلات الهجرة والطاقة والأمن البحري

شرق المتوسط والغاز

يرتبط الوجود التركي بشكل مباشر بـ:

  • اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة مع حكومة الوفاق

  • حماية الطموحات التركية في غاز شرق المتوسط

  • مواجهة تحالفات إقليمية منافسة (مصر – اليونان – قبرص)

النفوذ الإقليمي

تسعى أنقرة إلى:

  • تكريس نفسها كفاعل إقليمي لا يمكن تجاوزه

  • استخدام ليبيا كورقة ضغط في ملفات أخرى (سوريا، المتوسط، أوروبا)

الانتماء السياسي للقوات التركية وحلفائها في ليبيا

https://studies.aljazeera.net/sites/default/files/articles/2025-05/web%20%281%29_2.jpg?utm_source=chatgpt.com

يرتبط الوجود التركي بشكل أساسي بـ:

  • قوى سياسية وعسكرية متمركزة في غرب ليبيا

  • فصائل محسوبة على تيارات الإسلام السياسي

  • مجموعات مسلحة تدين بالولاء للحكومات المتعاقبة في طرابلس

هذا الارتباط غير المتوازن جعل تركيا طرفًا:

  • داعمًا لفريق ليبي على حساب آخر

  • ما أفقدها صفة الوسيط المحايد

  • وكرّس حالة الاستقطاب والانقسام

كيف يساهم الوجود التركي في تعطيل وحدة الصف الليبي؟

رغم الخطاب التركي الداعم للحوار، يرى مراقبون أن:

  • الوجود العسكري الأجنبي يعمّق الانقسام

  • يمنح أطرافًا ليبية غطاءً للاستقواء الخارجي

  • يضعف فرص بناء مؤسسة عسكرية وطنية موحدة

كما أن استمرار الدعم العسكري لفصيل دون آخر:

  • يُفشل مساعي توحيد الجيش الليبي

  • يعطّل التوافق على حكومة موحدة

  • يطيل أمد المرحلة الانتقالية

طبيعة الوجود التركي: مستشارون أم قوة نفوذ؟

رسميًا، تصف أنقرة قواتها بأنها:

  • مستشارون عسكريون

  • خبراء تدريب

  • وحدات دعم فني

لكن تقارير ميدانية تشير إلى:

  • وجود قواعد ومواقع تشغيل

  • إشراف مباشر على فصائل محلية

  • إدارة منظومات دفاع وطائرات مسيّرة

ما يجعل الوجود التركي أقرب إلى تمركز عسكري مؤثر، لا مجرد مهمة استشارية محدودة.

قراءة سياسية: ليبيا كساحة صراع نفوذ

https://i0.wp.com/ciessm.org/wp-content/uploads/2022/01/271391735_433334861785691_1541972679182038583_n.png?fit=1280%2C720&ssl=1&utm_source=chatgpt.com

التمديد التركي الجديد يعكس حقيقة أوسع:

  • ليبيا ما زالت ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية

  • غياب الدولة الموحدة يغري القوى الخارجية بالبقاء

  • كل تمديد عسكري يُبعد الحل السياسي خطوة أخرى

وفي هذا السياق، يصبح الوجود التركي:

  • جزءًا من المشكلة لا الحل

  • عامل استدامة للأزمة لا إنهائها

الطموح الجو سياسي والتوسع هدف الوجود التركي في ليبيا

موافقة البرلمان التركي على تمديد مهام قواته في ليبيا لعامين إضافيين تؤكد أن أنقرة لا تنظر إلى وجودها كالتزام مؤقت، بل كمشروع نفوذ طويل الأمد، يرتبط بالطموحات الجيوسياسية والاقتصادية، أكثر من ارتباطه بإحلال الاستقرار.

وبينما ترفع تركيا شعار دعم الحوار والسيادة، فإن الواقع الميداني يكشف أن استمرار الوجود العسكري الأجنبي – أيًا كان مصدره – يظل أحد أبرز معوقات توحيد الصف الليبي وبناء دولة مستقلة ذات قرار سيادي كامل.