تصاعد العنف من تدمر إلى إدلب وتفجير حفل زفاف يثير التساؤلات: هل فشل نظام الجولاني وجماعته في بسط الأمن بالأراضي السورية؟

شهدت الساحة السورية في الآونة الأخيرة تصاعدًا مقلقًا في وتيرة العنف، امتد من هجوم تدمر الذي استهدف قوات مشتركة سورية–أمريكية، إلى حوادث إطلاق نار في ريف إدلب، وصولًا إلى تفجير دموي طال تجمعًا اجتماعيًا، في مشهد يعيد فتح ملف قدرة السلطات القائمة في شمال غرب سوريا، وعلى رأسها نظام الجولاني وجماعته، على بسط الأمن والاستقرار في المناطق الخاضعة لنفوذها.
هذا التصعيد المتلاحق يطرح أسئلة حادة حول فعالية المنظومة الأمنية، وحدود السيطرة الميدانية، ومخاطر عودة التنظيمات المتطرفة لاستغلال الثغرات الأمنية، في بلد أنهكته حرب أهلية امتدت لأكثر من عقد.
مقتل 4 من عناصر الأمن في ريف إدلب
قال مصدر أمني سوري، الأحد، إن أربعة من عناصر الأمن قُتلوا برصاص مسلحين في ريف إدلب شمال غرب البلاد، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).
ولم تتضح على الفور هوية أو انتماءات المسلحين الذين اشتبكوا مع القوات الأمنية، ما يزيد من الغموض حول طبيعة التهديدات القائمة في المنطقة.
وتُعد إدلب معقلًا للفصائل السورية التي خرجت لإسقاط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي، لكنها باتت اليوم مسرحًا لحوادث أمنية متكررة، تعكس هشاشة الوضع واستمرار حالة السيولة الأمنية.
من تدمر إلى إدلب: سلسلة هجمات تفتح جبهة الأسئلة
هجوم داعش في تدمر
يأتي حادث إدلب بعد يوم واحد فقط من عملية تبنّاها تنظيم داعش في مدينة تدمر وسط سوريا، استهدفت قوات أمريكية وسورية مشتركة، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أمريكيين: عسكريين اثنين ومترجم مدني.
وأثار الهجوم ردود فعل غاضبة في واشنطن، حيث توعد الرئيس الأمريكي منفذي العملية بـرد قاسٍ، بينما اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد السيباني أن الهجوم يمثل محاولة للوقيعة بين الولايات المتحدة وبلاده.


الداخلية السورية: اعتقالات وتعهد بالرد
القبض على مشتبهين
أعلنت وزارة الداخلية السورية، الأحد، أنها ألقت القبض على خمسة أشخاص يشتبه في صلتهم بإطلاق النار على القوات الأمريكية والسورية في تدمر.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن:
«استهداف مؤسسات الدولة لن يمر دون رد، وأن الأجهزة الأمنية تمتلك الجاهزية الكاملة والقدرة العالية على الضرب بيد من حديد كل من يهدد أمن البلاد واستقرارها، وملاحقة التنظيمات الإرهابية أينما وُجدت».
ويعكس البيان محاولة لطمأنة الرأي العام، إلا أن تكرار الحوادث يضع هذه التعهدات تحت اختبار صعب.
إدلب والفراغ الأمني.. هل فشل نظام الجولاني؟

تساؤلات حول السيطرة والقدرة على الضبط
يفتح حادث إدلب، إلى جانب هجوم تدمر وتفجير التجمعات المدنية، باب التساؤلات حول قدرة نظام الجولاني وجماعته على:
-
بسط الأمن بشكل فعّال
-
منع تسلل التنظيمات المتطرفة
-
حماية المدنيين والتجمعات الاجتماعية
-
ضبط السلاح المنفلت
ويرى مراقبون أن تداخل النفوذ المسلح، وغياب سلطة مركزية موحدة، وفشل منظومات الردع، عوامل ساهمت في تفاقم الانفلات الأمني، ما أتاح لداعش وخلايا نائمة أخرى إعادة التموضع.
مشاركة سوريا في التحالف الدولي: منعطف أم مغامرة؟
يطرح التصعيد الأمني الأخير سؤالًا محوريًا:
هل تمثل مشاركة سوريا في التحالف الدولي ضد داعش منعطفًا نحو الاستقرار، أم أنها تفتح جبهة استهداف جديدة؟
فبينما قد تعزز المشاركة الدولية التنسيق الاستخباراتي وقدرات المواجهة، فإنها في المقابل قد تستفز التنظيمات المتطرفة لتكثيف عملياتها، مستفيدة من ثغرات أمنية محلية.
العنف المتصاعد يهدد أي مسار للاستقرار
من إطلاق النار في إدلب إلى هجوم تدمر وتفجير المناسبات الاجتماعية، تبدو سوريا أمام موجة عنف جديدة تهدد أي مسار محتمل للاستقرار.
ويبقى الرهان الحقيقي على:
-
إصلاح أمني شامل
-
تفكيك شبكات التطرف
-
توحيد القرار الأمني
-
حماية المدنيين دون انتقائية
دون ذلك، ستظل دوامة العنف مرشحة للتصاعد، مع كلفة إنسانية وسياسية باهظة.

