رفض عربي وإسلامي يطيح بتوني بلير من رئاسة ”مجلس السلام”: خطة ترامب لإدارة غزة تواجه عاصفة انتقادات دولية

تفجّرت أزمة سياسية جديدة داخل أروقة مبادرة "مجلس السلام" التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد استبعاد توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، من رئاسة المجلس عقب موجة معارضة واسعة من دول عربية وإسلامية، رافضة تولّي شخصية ارتبطت تاريخيًا بغزو العراق 2003 لأي دور قيادي في المنطقة.
وقد وصفت الصحافة الدولية، وعلى رأسها صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، هذا التطور بأنه "رسالة سياسية مباشرة" تعبّر عن رفض عربي واضح لعودة بلير إلى واجهة الملفات الإقليمية الحسّاسة، في وقت لا تزال فيه آثار سياسات الماضي تلقي بظلالها على المشهدين العربي والدولي.
بلير خارج رئاسة المجلس: ضغوط عربية أجهضت خطة واشنطن
أكدت الصحيفة البريطانية أن قرار استبعاد بلير جاء بعد اعتراضات صريحة من عدة عواصم عربية وإسلامية، اعتبرت أن اسم بلير "ليس مناسبًا" لقيادة منظومة حوكمة تهدف إلى تهدئة غزة وإعادة إعمارها، خصوصًا مع ما تحمله ذاكرة الشعوب من مواقف مثيرة للجدل ارتبطت بغزو العراق ودعم السياسات الغربية في المنطقة.

ورغم أن بلير كان الشخصية الوحيدة التي جرى الإعلان عنها رسميًا ضمن "مجلس السلام" عند طرح خطة ترامب ذات الـ20 بندًا، فإن موجة الاعتراضات دفعت واشنطن إلى إعادة النظر في وضعه داخل الهيكل الإداري.
مصادر مقربة من بلير أكدت أنه لن يترأس المجلس، وأن دوره سيقتصر على المشاركة في اللجنة التنفيذية التي تعمل تحت المجلس الدولي، إلى جانب مستشاري ترامب جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، ومسؤولين من دول عربية وغربية.
ما هو "مجلس السلام"؟ ولماذا أثار هذه الضجة؟
يُعد المجلس أحد أعمدة خطة ترامب لإدارة غزة، والتي تم الكشف عنها في سبتمبر الماضي، وتشمل:
-
تأسيس مجلس دولي يشرف على الحكم المؤقت للقطاع
-
إدارة عمليات إعادة الإعمار
-
نزع سلاح حماس بشكل تدريجي
-
تدريب قوى أمنية فلسطينية جديدة
-
نقل السلطة لاحقًا إلى لجنة تكنوقراط فلسطينية غير منتمية لأي فصيل
وبحسب الخطة، يُفترض أن يشرف الرئيس الأمريكي بنفسه على المجلس، في حين يتولى "مجلس تنفيذي دولي" إدارة العمليات اليومية.
إلا أن الخطة نفسها تعثرت منذ البداية بسبب رفض عربي وغياب التزامات عسكرية دولية، إضافة إلى رفض حماس لأي وصاية خارجية.
لماذا رفضت الدول العربية توني بلير؟
تقول التقارير الدبلوماسية إن الدول العربية قدمت عدة أسباب رئيسية:
1. الإرث السياسي المرتبط بغزو العراق
بلير كان أحد أبرز الداعمين للحرب الأمريكية على العراق عام 2003، وهو ملف ما زال يلقي بظلاله على العلاقات العربية–البريطانية.
2. تآكل الثقة الشعبية والسياسية
تعتبر عدة دول عربية أن بلير شخصية "لا تحظى بالقبول الشعبي"، وبالتالي فإن توليه منصبًا بهذا الحجم سيجعل المجلس "فاقدًا للحيادية".
3. تخوّف من تعزيز الهيمنة الغربية على غزة
ترى بعض الدول أن وجود بلير في الصدارة قد يعطي انطباعًا بأن واشنطن ولندن تديران الملف بشكل منفرد، بعيدًا عن الرؤية العربية.
دور جديد لبلير.. ولكن بعيدًا عن الواجهة
رغم الاستبعاد، سيظل لبلير دور في اللجنة التنفيذية التي ستنسق بين:
-
مجلس السلام
-
فريق تقني فلسطيني لإدارة شؤون القطاع
-
مسؤولين من حكومات عربية وغربية
ومن المتوقع أن تكون هذه اللجنة مسؤولة عن متابعة مشاريع الإعمار، وتطبيق الجوانب التقنية من الخطة، فيما يبقى القرار السياسي بيد المجلس الدولي.
اجتماع سري بين نتنياهو وبلير يعمّق التساؤلات
تزامن نشر التقارير مع كشف قناة "كان 11" الإسرائيلية عن اجتماع سرّي عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع توني بلير قبل نحو أسبوع، دون إعلان رسمي من مكتب نتنياهو.
ويرى مراقبون أن الاجتماع قد يكون محاولة للبحث عن دور بديل لبلير، أو لتنسيق المواقف قبل أي خطوات جديدة في ملف غزة.
خطة ترامب تتعثر.. والمشهد الإقليمي يزداد تعقيدًا
منذ طرحها قبل أكثر من شهرين، تواجه خطة ترامب عدة عقبات:
-
الرفض العربي لتولي بلير رئاسة المجلس
-
غياب استعداد دولي لنشر قوات أمنية في غزة
-
الرفض الفلسطيني لأي وصاية خارجية
-
الخلافات داخل إسرائيل بشأن الإدارة المستقبلية للقطاع
ومع استمرار الحرب وتدهور الوضع الإنساني في غزة، تتزايد الأسئلة حول إمكانية تطبيق الخطة من الأساس، خاصة في ظل الانقسام السياسي الدولي وتصاعد التوتر في المنطقة.

