الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

مخططات الاغتيال الإسرائيلية تتعثر… حماس تشدد إجراءاتها الأمنية وإسرائيل تلاحق قياداتها خارج المنطقة بعد فشل عملية الدوحة

قادة حماس ومخاوف من الاعتيالات
-

تتزايد المخاوف داخل حركة حماس من تنفيذ إسرائيل محاولة اغتيال جديدة تستهدف قيادات الصف الأول خارج الأراضي الفلسطينية، وذلك بعد سلسلة عمليات اغتيال نفّذها جهاز الموساد منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023.
وبحسب مصادر رفيعة في الحركة تحدثت لصحيفة الشرق الأوسط، فإن حالة «التوجس» داخل الحركة ارتفعت خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصًا بعد اغتيال القيادي العسكري في حزب الله هيثم طبطبائي، الأمر الذي اعتبرته الحركة مؤشرًا خطيرًا على نية إسرائيل توسيع رقعة الاغتيالات الإقليمية.

فشل عملية الدوحة… الضربة الأكبر للموساد منذ سنوات

تأتي هذه المخاوف على الرغم من الرسائل الأمريكية التي طمأنت الوسطاء في تركيا وقطر ومصر بأن عملية الاغتيال الفاشلة التي حاولت إسرائيل تنفيذها في الدوحة لن تتكرر.
تلك العملية التي سارعت واشنطن إلى إيقافها، وأجبر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تقديم اعتذار رسمي لقطر بسببها، شكّلت ضربة استخباراتية محرجة لتل أبيب، وأظهرت عمق التوتر بين إسرائيل وحلفائها الغربيين بشأن إدارة الحرب وعمليات الاغتيال.

هجوم إسرائيلي يستهدف قادة حماس في الدوحة | MEO

وبحسب مصادر حماس، فإن فشل محاولة الدوحة «أربك الحسابات الإسرائيلية» وجعلها تعتمد الآن على استراتيجية أكثر خطورة وسرية في تتبع قيادات الحركة خارج البيئة العربية التقليدية.

إسرائيل تربط الاغتيالات بمحاولة الضغط على مسار وقف إطلاق النار

تربط قيادات في حماس بين توقّع عمل اغتيال جديد وبين جهود حكومة الاحتلال لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، عبر الادعاء أن الحركة «لا ترغب في المضي قدمًا نحو الاتفاق»، وهو ما تراه حماس مجرد ذريعة إسرائيلية لتمرير عمليات اغتيال سياسية وعسكرية.

وترى مصادر الحركة أن إسرائيل تستخدم الاغتيالات كأداة ضغط سياسية، خاصة حين تشعر أن المسار التفاوضي لا يسير وفق رغبتها.

إجراءات أمنية غير مسبوقة… “كل قائد أصبح هدفًا محتملاً”

منذ محاولة الدوحة، رفعت قيادة حماس مستوى الإجراءات الأمنية بشكل غير مسبوق. وتؤكد المصادر أن الحركة باتت على قناعة بأن إسرائيل لن تتوقف عن ملاحقة قياداتها أينما كانوا، سواء في دول عربية أو غير عربية، مستخدمةً قدراتها التكنولوجية الهائلة وخبراتها في تعقب المطلوبين.

وقد وزعت الحركة ما يشبه “دليلًا أمنيًا صارمًا” على قادتها في الخارج، تضمّن مجموعة إجراءات تهدف إلى تعطيل أي محاولة اغتيال أو الحد من آثارها.

أبرز التعليمات الأمنية الجديدة:

1. إلغاء الاجتماعات الثابتة واعتماد نظام المواقع المتغيرة

حذّرت التعليمات من تحديد نمط ثابت للحركة أو الاجتماع، إذ يجب أن تكون اللقاءات “غير دورية” وفي مواقع تتبدل باستمرار.

2. عزل الهواتف والأجهزة الذكية لمسافة 70 مترًا على الأقل

شددت التعليمات على منع إدخال أي هواتف محمولة أو أجهزة طبية أو إلكترونية أو ساعات داخل أماكن الاجتماعات، بالإضافة إلى إغلاق أجهزة الراوتر والتلفاز والتكييف.

3. تفقد المواقع خشية زرع كاميرات تجسس إسرائيلية

أكدت الوثيقة على ضرورة مراجعة المكان قبل الاجتماع، خصوصًا بعد تزايد الاعتماد الإسرائيلي على زرع كاميرات دقيقة وأجهزة استشعار خلال أعمال صيانة وهمية يقوم بها عملاء داخل المباني المستهدفة.

4. التحذير من العنصر البشري

تؤكد التعليمات أن إسرائيل لا تعتمد فقط على التكنولوجيا، بل تستغل:

  • عمّال النظافة

  • موظفي الخدمات والصيانة

  • المقربين من المستهدف نفسه
    لجمع معلومات دقيقة حول توقيت وجود الشخص وتحركاته.

5. التحذير من الاختراق عبر التكنولوجيا “الخاملة”

أوضحت الوثيقة أن مجرد إغلاق الهاتف لا يعني توقف إمكانية تتبعه، إذ يمكن لإسرائيل اختراق الأجهزة عبر الـWi-Fi أو عبر الساعات الذكية وأجهزة إنترنت الأشياء، لتحديد عدد الأشخاص داخل أي غرفة خلال ثوانٍ.

كما أشارت إلى أن نوعية الصواريخ المستخدمة في الاغتيالات قادرة على اختراق الجدران والمباني في وقت زمني قصير للغاية، ما يجعل عامل السرعة حاسمًا في النجاة.

حماس: محاولة إسرائيل اغتيال وفد الحركة المُفاوض في قطر

من بيروت إلى طهران… وامتدادًا إلى الدوحة

منذ اندلاع الحرب، نفّذت إسرائيل سلسلة اغتيالات خارجية:

  • اغتيال صالح العاروري في بيروت – يناير 2024

  • اغتيال إسماعيل هنية في طهران – يوليو 2024

  • محاولة تصفية المجلس القيادي في الدوحة – سبتمبر 2024

  • استهداف قيادات في سوريا ولبنان مرارًا

هذه العمليات تؤكد أن إسرائيل تعتبر “الاغتيال الخارجي” جزءًا أساسيًا من عقيدتها الأمنية، وأنها مستعدة لاختراق حدود دول حليفة أو صديقة لتحقيق أهدافها.

لكن فشل عملية الدوحة شكّل نقطة تحول؛ إذ كشف محدودية قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات معقدة في بيئات أمنية عالية، كما أثبت أن دعم بعض القوى الكبرى لتصرفات تل أبيب ليس مطلقًا كما تُروّج إسرائيل.

إسرائيل تلاحق والقيادات تتخفى… لكن الفشل في قطر يلاحق تل أبيب

تعيش إسرائيل اليوم مفارقة واضحة:

  • فهي مستمرة في مخطط الاغتيالات الخارجية،

  • لكنها في الوقت نفسه تحاول تجاوز وصمة فشل الدوحة،

  • وتواجه منظومة أمنية حمساوية باتت أكثر صرامة وتعقيدًا.

وبينما تستعد الحركة لاحتمال اغتيال جديد “في دولة غير عربية”، تبدو إسرائيل مصممة على استخدام ورقة الاغتيالات كورقة ضغط سياسي وعسكري، رغم كل المخاطر الدبلوماسية.

غير أن فشل الدوحة—الذي تحول إلى نقطة سوداء في سجل الموساد—يبقى شاهدًا على أن العمليات الإسرائيلية ليست ناجحة كما كانت، وأن خصوم تل أبيب تعلموا الآن كيف يقرأون خطواتها ويتعاملون مع أدواتها الاستخباراتية.