الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

“شيطان 7 أكتوبر” يطارد جنود إسرائيل… انتحار ضابط من لواء غفعاتي يكشف تصدعًا خطيرًا في المنظومة العسكرية

جنود جيش الاحتلال
-

طفا علي السطح مشهد جديد يعكس حجم الانهيار النفسي الذي يضرب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية منذ حرب غزة، أقدم توماس أدزغوسكاس—وهو ضابط سابق في لواء غفعاتي—على الانتحار، بعدما وجدته الشرطة جثة هامدة في حديقة عامة بمدينة أسدود، وفق ما كشفته صحيفة هآرتس العبرية.
هذه الحادثة ليست منفصلة عن سياقها، بل تأتي ضمن سلسلة متصاعدة من حالات الانتحار بين الجنود المسرّحين والعاملين في الجيش الإسرائيلي، ما يعيد فتح ملفّ اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) الذي يتفاقم منذ 7 أكتوبر.

“لقد فعلت أشياء لا تُغتفر”… رسائل تحوّلت إلى وصية دامية

قبل ساعات من إنهاء حياته، نشر أدزغوسكاس تدوينة طويلة على “فيسبوك”، بدت كالاعتراف الأخير قبل السقوط المأساوي. كتب فيها:

“التاريخ الذي دمّر حياتي هو 7 أكتوبر… لم أعد أحتمل. أنا خراب ودمار… لقد فعلت أشياء لا تُغتفر، ولا أستطيع العيش مع ذلك.”

وتابع:

“هناك شيطان يطاردني منذ ذلك اليوم… توماس القائد مات في 7 أكتوبر، وما بقي مجرد روح تبحث عن سلامها منذ عامين.”

هذه الكلمات لم تكن صدمة للمتابعين فحسب، بل كشفت عمق الانهيار النفسي الذي يضرب صفوف الجنود الذين خاضوا معارك غزة، وخاصة في محيط غلاف القطاع والغزو البري الذي تبع عملية "طوفان الأقصى".

إسرائيل.. مقتل ضابط وجندي في غزة والإجمالي يرتفع إلى 692 | سكاي نيوز عربية

من ضابط مقاتل إلى ضحية… رحلة انهيار نفسي مهملة

شارك الضابط المنتحر في المعارك منذ الساعات الأولى لهجوم 7 أكتوبر، واستمر في القتال داخل غزة، قبل أن يتم تسريحه في أبريل 2024.
ورغم تسجيل إصابته النفسية رسميًا وبدء إجراءات الاعتراف به لدى قسم إعادة التأهيل بوزارة الدفاع، فإن الجيش رفض اعتباره “قتيل خدمة” بحجة أنه لم يكن في الخدمة الفعلية عند انتحاره—وهو ما أثار موجة غضب بين عائلات الجنود.

وبحسب الصحيفة العبرية، كان الضابط الشاب يتلقى علاجًا نفسيًا مكثفًا، لكنه لم يتمكن من تجاوز صدمة الحرب، خصوصًا بعد مشاركته في عمليات قتالية "قاسية ولا إنسانية" على حد تعبيره.

15 جنديًا مسرّحًا انتحروا منذ بدء الحرب… والعدد الحقيقي أكبر

إسرائيل.. مقتل ضابط وجندي في غزة والإجمالي يرتفع إلى 692 | سكاي نيوز عربية

تؤكد هآرتس أن توماس أدزغوسكاس ليس حالة منفردة، إذ وثّقت الصحيفة:

  • 15 حالة انتحار لجنود مسرّحين منذ بدء الحرب

  • 5 حالات انتحار داخل صفوف الشرطة

  • عشرات الحالات غير المعلنة التي تبقى “طيّ الكتمان”

من جانبها، تشير منظمات علاج الصدمات النفسية في إسرائيل إلى أن العدد الفعلي أعلى بكثير، وأن المؤسسة العسكرية تتجنب الإفصاح عنه خشية انهيار المعنويات.

موجة انتحار داخل الخدمة الفعلية… 20 جنديًا منذ مطلع العام

البيانات الرسمية للجيش الإسرائيلي تكشف مفاجأة أكثر خطورة:

  • من أكتوبر حتى نهاية 2023: 7 حالات انتحار داخل الخدمة

  • عام 2024: 21 جنديًا

  • منذ بداية 2025: ما لا يقل عن 20 جنديًا

هذه الأرقام تمثل أعلى معدل انتحار في تاريخ الجيش الإسرائيلي منذ تأسيسه، وتفوق بأضعاف متوسط ما قبل الحرب الذي كان لا يتجاوز 12 جنديًا سنويًا.

تحليل عسكري: “الجنود لا يسقطون في المعارك فقط… بل في داخلهم أيضًا”

تشير مصادر عسكرية إلى أن معظم حالات الانتحار مرتبطة مباشرة بالتعرض لأحداث قتالية قاسية، وأن:

  • عمليات الاقتحام داخل غزة

  • مشاهد القتل والتدمير

  • مواجهة مقاتلي حماس داخل الأنفاق والأحياء

  • الخوف المستمر من الكمائن والانفجارات

كلها عوامل أدت إلى انهيار نفسي واسع في صفوف الجنود.

وتضيف المصادر أن الجيش لاحظ “تراجعًا في حالات الانتحار لأسباب شخصية”، مقابل زيادة ضخمة في الانتحار المتعلق بالصدمة القتالية.

طرد 9 جنود إسرائيليين من لواء غفعاتي في غزة لرفضهم الأوامر - بوابة الشروق -  نسخة الموبايل

هل ينهار الجدار النفسي للجيش الإسرائيلي؟

حادثة انتحار توماس، وصيّته المرعبة، والأرقام المتصاعدة لحالات الانتحار، كلها تشير إلى:

  • أزمة نفسية عميقة داخل الجيش الإسرائيلي

  • تآكُل الروح القتالية لدى الجنود

  • صور صادمة يرفض الجنود التعايش معها بعد الحرب

  • تراجع الثقة بالمؤسسة العسكرية ووزارة الدفاع

ويرى محللون أن إسرائيل تواجه الآن “معركة غير معلنة” داخل جبهتها الداخلية، وأن الضرر النفسي الذي أحدثته حرب غزة قد يكون أكبر من الأضرار العسكرية نفسها.