تفاصيل مقتل ياسر أبو شباب… سقوط قائد العشائر المدعوم إسرائيليًا يكشف انهيار مشروع «اليوم التالي»

في مشهد يعكس حجم الفوضى الداخلية التي تضرب الميليشيات الناشئة في جنوب قطاع غزة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن تفاصيل جديدة حول مقتل ياسر أبو شباب، قائد مجموعة فلسطينية مسلحة كانت تعمل بتنسيق مباشر مع الجيش الإسرائيلي وتشكل جزءًا من مشروع تل أبيب لخلق “بديل محلي” لحركة حماس في مرحلة ما بعد الحرب.
وبينما سادت أنباء أولية تحدثت عن مقتله بإطلاق نار، أكدت مصادر إسرائيلية أن أبو شباب قُتل ضربًا حتى الموت خلال شجار عنيف داخل منظمته، في حادث يعكس حجم التفكك الداخلي والانقسامات الحادة بين الفصائل والعشائر التي حاولت إسرائيل استثمارها لصالح خطتها السياسية.
خلافات داخل الميليشيا… والاتهامات تقترب من التعاون مع إسرائيل
صحيفة يديعوت أحرونوت كانت الأكثر وضوحًا حين ذكرت أن أبو شباب قُتل خلال “شجار بين نشطاء منظمته بسبب خلافات داخلية تتصل بالتعاون مع إسرائيل”.
الصحيفة أكدت أن النزاع لم يكن سياسيًا فحسب، بل تطوّر إلى مواجهات جسدية انتهت بضربه حتى فقدان الوعي.
وتابعت الصحيفة أن قوات الأمن الإسرائيلية نقلته على وجه السرعة خارج غزة لتلقي العلاج، لكنه توفي في طريقه إلى مستشفى “سوروكا” في بئر السبع.

أما صحيفة معاريف فذهبت أبعد من ذلك، إذ قالت إن الشجار كان معركة جماعية بين عدة فصائل وعائلات داخل العشيرة، بسبب الخلاف على النفوذ، وقيادة أبو شباب، وتقسيم مناطق السيطرة الجغرافية جنوب القطاع.
الضرب هو سبب الوفاة… لا إطلاق نار ولا طعن
مصادر إسرائيلية أكدت لوسائل الإعلام أن سبب الوفاة يعود إلى “ضربات قوية تلقاها أبو شباب خلال الشجار، وليس إلى إطلاق نار أو طعن”، وهو ما يعكس حجم العنف الذي رافق النزاع الداخلي.
خليفته المحتمل… لكنه هو الآخر في المستشفى
تقول يديعوت أحرونوت إن غسان الدهيني، نائب أبو شباب وذراعه اليمنى، هو المرشح الطبيعي لقيادة الميليشيا بعد وفاته.
لكن التطور اللافت أن الدهيني نفسه أصيب خلال الشجار ذاته، ونُقل بطائرة مروحية إسرائيلية إلى مستشفى سوروكا، حيث يتلقى العلاج.
مصادر أمنية إسرائيلية أكدت لإذاعة الجيش أن الدهيني “على قيد الحياة ويتلقى رعاية طبية مكثفة”.
“سقوط أبو الشباب”… انكشاف مشروع الميليشيات الذي دعمته إسرائيل

تحت عنوان “سقوط أبو الشباب”، قالت صحيفة إسرائيل اليوم إن تضارب الروايات داخل غزة واحتفالات أنصار حماس بمقتله يعكسان “الانقسامات العميقة داخل الميليشيات التي نشأت بتنسيق إسرائيلي”.
وأشارت الصحيفة إلى أن أبو شباب كان يقود أول ميليشيا مسلحة تنشأ بدعم إسرائيلي مباشر خلال الحرب، في محاولة لخلق نموذج حكم محلي بديل لحماس.
هذه الميليشيا كانت تتضمن هيكليَّة قيادية على النحو التالي:
-
غسان الدهيني: مسؤول المقاتلين والبنية التحتية العسكرية
-
حامد الصوفي: مسؤول النظام المدني ومناطق النفوذ
وتكشف التقديرات الإسرائيلية الحالية أن الصوفي والدهيني قد يتشاركان قيادة الميليشيا بعد سقوط قائدها.
ضربة موجعة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية
تقرّ وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن وفاة أبو شباب تمثل انتكاسة خطيرة للمشروع الإسرائيلي الذي حاول الاستثمار في العشائر جنوب القطاع لإنشاء “كيان محلي” ينافس حكم حماس.
تقول يديعوت أحرونوت:
“وفاة أبو الشباب تقوي حماس كسلطة حاكمة في غزة، وتلحق ضرراً بالغاً بفرص استخدام الميليشيات كبديل عسكري-مدني في خطة اليوم التالي للحرب.”
هذا الاعتراف الصريح يعكس فشلًا سياسيًا وأمنيًا تحاول تل أبيب الآن التعامل مع تداعياته.
إسرائيل سلّحت العشائر… والمشهد ينقلب عليها
صحيفة معاريف كشفت تفاصيل أكثر حساسية، إذ قالت إن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في يونيو 2025 لتسليح العشائر في جنوب قطاع غزة، بما فيها عشيرة أبو شباب.
كانت الفكرة – بحسب المصادر – تقوم على:
-
خلق قوة محلية تحارب حماس
-
تشغيل جهاز مدني بديل
-
فرض نظام أمني بديل في رفح وشرق خان يونس
لكن ما حدث على الأرض كان خلاف ذلك تمامًا، إذ تحولت هذه المجموعات إلى بؤر صراع داخلي دامٍ، بعيدًا عن الأهداف التي رسمتها إسرائيل.
“سياسة قصر النظر”… الإعلام العبري يهاجم القيادة الإسرائيلية

القناة 12 الإسرائيلية قالت بوضوح:
“تكتشف إسرائيل الآن أن وفاة أبو شباب ليست حادثة فردية، بل نتيجة مباشرة لسياسة قصيرة النظر.”
وأضافت القناة أن إسرائيل “منحت السلاح والشرعية للميليشيات أملاً في خلق بديل مدني لحماس، لكن النتيجة كانت غرق هذه الجماعات في صراعات دموية داخلية”.
وتتابع القناة بلهجة صادمة:
“الآن يتضح ما رفضت إسرائيل رؤيته سابقًا: وهم العشائر ينهار… والسلطة الحقيقية في غزة لا تزال في يد مالك الأرض: حماس.”
خلاصة تحليلية
تكشف حادثة مقتل ياسر أبو شباب عن:
-
فشل مشروع إسرائيل لخلق قوى محلية تنافس حماس
-
تعمّق الانقسامات الداخلية في الميليشيات المدعومة إسرائيليًا
-
استمرار سيطرة حماس على الأرض والشارع والبنية الاجتماعية
-
انهيار خطة “اليوم التالي” قبل أن تبدأ فعليًا
-
عودة الواقع إلى نقطة الصفر: لا قوة تحكم غزة سوى حماس
فبينما حاولت إسرائيل خلق واقع جديد في جنوب القطاع عبر العشائر، جاءت وفاة الرجل الذي اعتبرته “ركيزة المشروع” لتعيد التأكيد بأن غزة لا تقبل إلا قوة متماسكة… وأن أي بديل مصطنع محكوم عليه بالسقوط.

