الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

حرب السودان.. «الدعم السريع» يسيطر على آخر معقل للجيش في بابنوسة ويغيّر معادلة الصراع في غرب كردفان

حرب السودان
-

أعلنت قوات الدعم السريع اليوم الإثنين سيطرتها الكاملة على الفرقة 22 مشاة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، والتي كانت تُعد آخر معاقل الجيش السوداني في الولاية، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الحرب الدائرة بين الطرفين منذ أبريل 2023.

ويشكّل سقوط بابنوسة نقطة تحول لافتة في خط المواجهات، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي وثقلها الجغرافي والتاريخي، إضافة إلى دورها المركزي في ربط ولايات السودان المختلفة بخطوط السكك الحديدية والطرق التجارية.

بيان «الدعم السريع»: هجوم مباغت وردّ “ساحق”

قالت قوات الدعم السريع في بيان رسمي إن الجيش السوداني نفذ هجومًا مفاجئًا على مواقع قوات «تأسيس» (ذراع الدعم السريع داخل الإدارة الموازية)، إلا أن قواتهم نجحت في صد الهجوم بالكامل وإفشاله.

وأضاف البيان أن الرد تمثّل في تنفيذ عملية عسكرية دقيقة أسفرت عن:

  • تحرير الفرقة 22 بالكامل

  • السيطرة الكاملة على مدينة بابنوسة

  • تطهير المناطق المحيطة من قوات الجيش

ووصفت العملية بأنها "محطة مفصلية" تثبت قدرة الدعم السريع على حماية المدنيين ومنع انزلاق البلاد إلى الفوضى.

مناشدة لايقاف حرب السودان، بقلم الخبيرة الدولية ماجدة السنوسي - النهضة  العربية للديمقراطية والتنمية

لماذا بابنوسة مدينة استراتيجية؟

يرى محللون أن سقوط بابنوسة ليس حدثًا ميدانيًا عابرًا، بل خطوة تُعيد ترتيب المشهد العسكري بين الجيش والدعم السريع في غرب البلاد.

وبحسب المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني، فإن أهمية بابنوسة تعود إلى عدة عوامل:

1- موقع استراتيجي محوري

  • تقع في عاصمة ولاية غرب كردفان.

  • تُعد ملتقى طرق لربط:

    • دارفور بكردفان

    • شمال السودان بجنوبه

    • الشرق بالغرب

2- مركز رئيسي للسكك الحديدية

  • تنطلق منها خطوط السكة الحديد نحو:

    • واو في جنوب السودان

    • تقاطع الرهد المرتبط بخط الأبيض

3- ثقل سكاني وتجاري

  • تضم قبائل سودانية متعددة

  • تشتهر بنشاط تجاري قديم وحيوي

4- ارتفاع جغرافي وموقع دفاعي

  • تقع على ارتفاع 373 مترًا

  • تبعد 697 كيلومترًا عن الخرطوم

الأثر الاستراتيجي لسقوط بابنوسة

يوضح ميرغني أن سيطرة الدعم السريع على المدينة تُحدث تحولًا لافتًا في ميزان القوى بالمنطقة:

  • تعزيز السيطرة الكاملة على إقليم دارفور

  • إبعاد الجيش نهائيًا عن الإقليم الغربي

  • تأمين الاتصال الجغرافي بين دارفور وكردفان، حيث باتت المنطقتان تحت سيطرة الدعم السريع

  • منع الجيش من استخدام بابنوسة كنقطة تقدم نحو دارفور

وأشار إلى أن المدينة كانت آخر ما تبقى للجيش في غرب كردفان، إذ شهدت الفرقة 22 خلال الأشهر الماضية سقوط عدة ألوية عسكرية تابعة لها لصالح الدعم السريع، بينما كانت بابنوسة محاصرة بالكامل في الآونة الأخيرة.

حرب السودان: بعد عام من القتال هل من حل في الأفق؟ - BBC News عربي

الأثر السياسي… هل تعقّد سيطرة الدعم السريع مسار المفاوضات؟

رغم التقدم الميداني للدعم السريع، يرى ميرغني أن هذا لا يعني بالضرورة أن المفاوضات ستتحرك للأمام، بل ربما يحدث العكس.

وأوضح:

  • أن قرار التفاوض ليس بيد الجيش وحده، بل بيد مجلس السيادة

  • التغييرات على الأرض قد تجعل الجيش أكثر تصلبًا في التفاوض

  • كان يمكن للجيش أن يفتح مسار سلام قبل سقوط بابنوسة، لكنه لم يفعل

وأشار إلى أن رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان يعتمد خطاب "التعبئة العامة"، وأن سقوط بابنوسة قد يدفعه إلى مزيد من التشدد، لأسباب سياسية أكثر منها عسكرية.

ويضيف:

"استمرار الحرب يضمن إقصاء معظم القوى السياسية واحتكار السلطة بعدها. الحرب في أساسها ذريعة لعودة الإسلامويين إلى السلطة، كونهم الظهير السياسي للبرهان."

ويؤكد أن قرار السلام يحكمه سؤال محوري:

"ماذا سيحدث بعد وقف الحرب؟"

وهو السؤال الذي يجعل طرفي الصراع غير مستعدين حتى الآن للقبول بتسوية تُنهي الحرب فعليًا.

تحول عسكري كبيرة يعيد رسم الخريطة الميدانية في غرب السودان

سقوط بابنوسة بيد الدعم السريع يشكل نقطة تحول عسكرية كبيرة قد تعيد رسم الخريطة الميدانية في غرب السودان، وتعزز مكاسب الدعم السريع في دارفور وكردفان.
لكن سياسيًا، لا تبدو الصورة أكثر وضوحًا، إذ قد يؤدي هذا التقدم الميداني إلى تعقيد مسار المفاوضات بدلًا من تجديدها، في ظل استمرار انقسام مراكز القرار داخل السودان.