رفض عالمي ضد العدوان الإسرائيلي.. حملة دولية في تشيلي تطالب بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة

تشهد تشيلي حراكًا شعبيًا واسعًا يقوده المجتمع المدني، يستعد لإطلاق حملة عالمية للمطالبة بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة، استنادًا إلى المادة السادسة من ميثاق المنظمة الدولية، وذلك على خلفية ما تصفه الحملة بأنه “انتهاكات متواصلة وممنهجة” للقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة.
وتأتي هذه الخطوة في ظل تجاهل إسرائيل لاتفاق ترامب للسلام الذي عقد في مدينة شرم الشيخ بهدف تثبيت الاستقرار في المنطقة، حيث يعتبر نشطاء وحقوقيون أن استمرار تل أبيب في الاعتداءات العسكرية يتناقض مع أي التزام سياسي أو قانوني قدمته في الاتفاقات الدولية.
انطلاق الحملة في 26 نوفمبر.. وارتفاع لافت في التوقيعات الدولية
من المقرر أن تنطلق الحملة رسميًا في 26 نوفمبر الجاري خلال فعالية عامة في العاصمة سانتياغو، بالتزامن مع حملة توقيعات إلكترونية بدأت قبل أيام، وحققت انتشارًا واسعًا حيث تجاوزت حتى الآن 57 ألف توقيع، مع هدف معلن للوصول إلى 100 ألف توقيع في فترة قصيرة.
ويؤكد منظمو الحملة أن هذا التفاعل السريع يعكس “استجابة شعبية عالمية واسعة” تجاه ما يحدث في فلسطين، خاصة في ضوء العدوان المتواصل على قطاع غزة وما خلّفه من دمار هائل ومعاناة إنسانية غير مسبوقة.
إطار قانوني يستند إلى ميثاق الأمم المتحدة.. إسرائيل “دولة منبوذة”
قدّم المحامي والدبلوماسي التشيلي السابق نيلسون حداد شرحًا قانونيًا لتلك المبادرة، موضحًا أن المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة تتيح طرد أي عضو ينتهك مبادئ الميثاق بصورة مستمرة، مشيرًا إلى أن إسرائيل باتت “دولة منبوذة” وفق توصيفات القانون الدولي، وأنها لا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة ولا بالقواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني.
ويضيف أن الانتهاكات الإسرائيلية الممتدة منذ أكثر من سبعين عامًا، بدءًا من الاحتلال، مرورًا بالاستيطان، ووصولًا إلى الحرب الحالية على غزة، تجعل من الطرد إجراءً “شرعيًا ومبررًا” وفق القانون الدولي.

محاولة لكسر الجمود داخل مجلس الأمن وإحياء العدالة الدولية
يلفت منظمو الحملة إلى أن الأدوات القانونية التي يستندون إليها سبق استخدامها في ملفات دولية حساسة، مثل الحرب الكورية والغزو الروسي لأوكرانيا، معتبرين أن تفعيلها اليوم يمكن أن يشكل “ضغطًا مؤسسيًا عالميًا” على النظام الدولي لمحاسبة إسرائيل.
وترى الحملة أن الهدف لا يقتصر على معاقبة إسرائيل، بل يشمل فتح ملف إصلاح بنية الأمم المتحدة، بما في ذلك تقليص سلطة الفيتو وإعادة مبدأ المساواة القانونية بين الدول، خاصة بعد أن أدت الفيتو المتكرر إلى تعطيل قرارات عديدة كانت من شأنها وقف سفك الدماء في الأراضي الفلسطينية.
نص العريضة: “مع غزة تموت الإنسانية أيضاً”
جاء في نص العريضة الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش:
“نتوجّه إليكم نحن الموقّعين أدناه باحترام، ولكن بحزم، لنطالب بالشروع فورًا في الإجراءات الرسمية لطرد دولة إسرائيل من المنظمة، وفقًا للمادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، بسبب انتهاكها المتكرر للمبادئ الواردة فيه”.
وتؤكد العريضة أن إسرائيل تعلن رسميًا نيتها القضاء على دولة فلسطين وسكانها وبنيتها التحتية، وتستخدم تهمة “معاداة السامية” كسلاح سياسي لإسكات كل من ينتقد سياساتها، حتى لو كان من اليهود أنفسهم.
كما تصف ما يحدث في غزة بأنه "جريمة حرب مركّبة"، تشمل القتل بالقنابل والصواريخ، وتدمير المستشفيات، وتجويع ما يقرب من مليوني إنسان، معتبرة أن حرمان المدنيين من الماء والغذاء والدواء يمثل “واحدة من أخطر الجرائم الموثقة في العصر الحديث”.
وتختتم العريضة بعبارة مؤثرة:
“مع غزة تموت الإنسانية أيضًا… نريد لفلسطين أن تعيش، فهي قلب العالم.”
حراك دولي في مواجهة عدوان مستمر.. وإصرار على إعادة فلسطين إلى مركز القرار العالمي
يرى مراقبون أن هذه الحملة ليست مجرد تحرك مدني معزول، بل انعكاس لموجة عالمية تزداد قوة يومًا بعد يوم، تندد بالعدوان الإسرائيلي المستمر، وتنتقد عجز المجتمع الدولي عن وقف الانتهاكات رغم الاتفاقات الدولية، وعلى رأسها اتفاق ترامب للسلام في شرم الشيخ الذي لم تلتزم إسرائيل بمقتضياته.
وبينما تستمر السياسة الإسرائيلية في فرض الأمر الواقع عبر الاحتلال والحصار والتدمير، فإن الحملة التشيلية تشكل خطوة جديدة تهدف إلى إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية وإجبار المؤسسات الأممية على التحرك.

