في عيد ميلاده التسعين.. محمود عباس بين الشيخوخة السياسية وتعقيدات المرحلة الفلسطينية

يحتفل الفلسطينيون اليوم — ولو بصمت — بعيد ميلاد رئيسهم محمود عباس (أبو مازن)، الذي بلغ عامه التسعين في لحظة تُعد من أصعب المراحل في التاريخ الفلسطيني الحديث، وسط غياب أي احتفالات رسمية أو ظهور علني للرجل الذي يقود السلطة الفلسطينية منذ عام 2005، ويُعد أحد أقدم زعماء العالم.
ورغم تقدّمه الشديد في العمر، لا يزال أبو مازن اللاعب السياسي الأول في الساحة الفلسطينية، محاطًا بملفات معقدة تتعلق بغزة والضفة والقدس والعلاقات الدولية، فضلًا عن متابعات تخص وضعه الصحي الذي أثار جدلًا واسعًا خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا مع اختفاءه الإعلامي لفترات متفاوتة.
محمود عباس.. تسعون عامًا من الحضور السياسي
طفولة ورحلة لجوء شكلت شخصيته

وُلِد محمود رضا شحادة عباس في 15 نوفمبر 1935 بمدينة صفد، قبل أن تهجّر عائلته إلى سوريا في نكبة 1948، وهي التجربة التي شكّلت وعيه السياسي ودفعت به لاحقًا إلى الانخراط في العمل الوطني إلى جانب ياسر عرفات ورفاقه الأوائل.
الرجل الذي أصبح "مهندس أوسلو"
برز اسم أبو مازن في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كأحد الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في الاتصالات السياسية مع إسرائيل، قبل أن يرتبط اسمه بشكل وثيق باتفاق أوسلو 1993 باعتباره أحد مهندسيه الأساسيين.
وقد شغل عدة مناصب قيادية داخل حركة فتح والسلطة الفلسطينية، إلى أن وصل إلى رئاسة السلطة بعد رحيل ياسر عرفات.
أكبر قادة العالم سنًا.. وصحة مثيرة للجدل
مكانة عمرية تضعه بين كبار زعماء العالم

في سن التسعين، يعتبر أبو مازن ثاني أكبر رئيس دولة في العالم من حيث العمر، بعد رئيس الكاميرون بول بيا (92 عامًا)، وهو ما يضع دائمًا تساؤلات حول حالته الصحية وقدرته على إدارة الملفات الشائكة في هذه المرحلة الحساسة.
وضعه الصحي… ما يُعلن وما يبقى خلف الكواليس
خلال السنوات الماضية، دخل الرئيس عباس المستشفى عدة مرات، خصوصًا عامي 2018 و2022، حيث خضع لفحوصات طبية مكثفة، تضمنت:
-
التهابات رئوية
-
مشكلات بالقلب
-
ارتفاع الضغط والسكر
-
متابعة مستمرة لحالته العامة بسبب السن المتقدم
ورغم تأكيدات متكررة من مسؤولي السلطة بأن الرئيس يتمتع بصحة "مستقرة"، فإن غيابه الطويل عن المشهد بين الحين والآخر أثار تكهنات حول قدرته على متابعة تفاصيل المرحلة، خاصة مع تصاعد حدة الأزمات الفلسطينية.
عيد ميلاد بلا مظاهر احتفال… لماذا الصمت؟
ظروف سياسية غير مسبوقة
يأتي عيد ميلاد عباس في وقت تعيش فيه فلسطين وضعًا شديد التعقيد:
-
حرب مدمرة في غزة
-
تصاعد الاستيطان في الضفة
-
توتر داخلي بين القوى السياسية
-
أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة
وكل ذلك جعل المشهد العام بعيدًا عن أي مظاهر احتفال، في ظل تركيز السلطة على متابعة التطورات الميدانية والسياسية.
غياب الظهور العلني للرئيس
رغم بلوغه التسعين، لم يظهر الرئيس الفلسطيني بصورة مباشرة أو خطاب رسمي بالمناسبة، وهو ما عزز التساؤلات حول وضعه الصحي، لكنه يتوافق مع طبيعة الوضع المتفجر في الأراضي الفلسطينية، التي لا تسمح بظهور احتفالي أو إعلامي.
عباس بين إرث سياسي ضخم ومستقبل غامض
بعد 20 عامًا في الحكم، لا يزال محمود عباس يمثل رمزًا سياسيًا مثيرًا للجدل بين:
-
من يرونه رمزًا للثبات الدبلوماسي
-
ومن يعتبرون أن المرحلة تتطلب قيادة جديدة
-
ومن يخشون فراغ السلطة إذا غاب الرجل الذي يملك مفاتيح مؤسسات السلطة والمنظمة
وتبقى مسألة مستقبله السياسي أحد أهم الأسئلة المطروحة في المشهد الفلسطيني، خاصة مع تقدمه الكبير في العمر وتراجع نشاطه الميداني.
تغير جوهري في القيادة الفلسطينية
عيد ميلاد محمود عباس التسعين يأتي في ظروف فلسطينية بالغة الحساسية، وفي ظل غياب كامل لمظاهر الاحتفال، بينما يواصل الرجل، رغم عمره المتقدم ووضعه الصحي الحرج أحيانًا، لعب دور محوري في أحد أكثر الملفات تعقيدًا في الشرق الأوسط.
ويبقى السؤال الأكبر:
هل يشهد العام القادم تغيرًا جوهريًا في القيادة الفلسطينية؟ أم يواصل أبو مازن الإمساك بخيوط السياسة رغم تقدّم العمر؟

