الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

3 تعديلات جوهرية تُعيد تشكيل مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة.. دعم عربي وإسلامي واسع وروسيا على خط المواجهة

عزة مدمره
-

تشهد أروقة مجلس الأمن الدولي حالة من الحراك السياسي المكثّف بعد الكشف عن ثلاثة تعديلات أساسية في المسودة الأخيرة لمشروع القرار الأمريكي الخاص بغزة، وهي التعديلات التي دفعت عددًا من الدول العربية والإسلامية إلى تغيير موقفها والاقتراب من دعم المشروع،

هذه التحركات الدبلوماسية تأتي في ظل مفاوضات صعبة داخل مجلس الأمن، وفي لحظة حساسة من مسار الحرب، مع دخول روسيا بقوة على خط النقاشات، وسط مؤشرات على احتمال تصويت معقّد قد يغيّر وجه الخطة الأمريكية المقترحة.

أولاً: التعديلات الثلاثة الأساسية التي غيّرت المعادلة

مجلس الأمن الدولي يصوت الجمعة على دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء  الغربية - SWI swissinfo.ch

1) ربط إقامة الدولة الفلسطينية بتحقيق إصلاحات فلسطينية وتطوير غزة

جاء في نص المسودة الجديدة أن:

"بعد تنفيذ برنامج السلطة الفلسطينية الإصلاحي بأمانة، وإحراز تقدّم في إعادة تطوير غزة، قد تتوفّر الظروف المناسبة لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة".

هذا النص الجديد فُسّر بأنه أول اعتراف أمريكي رسمي في وثيقة أممية بربط إعادة إعمار غزة والتقدم السياسي بإقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما اعتبرته دول عربية تحولًا مهمًا.

2) تغيير وضع مجلس السلام وقوة الاستقرار الدولية من دائم إلى “انتقالي”

بدلًا من النص السابق الذي قال إن مجلس السلام والقوة الدولية سيبقيان "لمدة عامين على الأقل"، أصبحت المسودة تقول إن دورهما سيكون:

"انتقاليًا"

أي أن وجودهما لن يكون طويل الأمد، وأنهما سيعملان فقط لحين اكتمال برنامج الإصلاح الفلسطيني وقدرة السلطة على إدارة غزة.

هذا التعديل طمأن الدول العربية والإسلامية التي كانت تخشى من تحويل غزة إلى “إدارة دولية طويلة المدى”.

الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته البرية في قطاع غزة ويمدها إلى حي الشجاعية بعد  إخلائه من السكان

3) انسحاب واضح للجيش الإسرائيلي من غزة عند انتشار قوة الاستقرار الدولية

التعديل الثالث والأكثر قوة جاء بصيغة مباشرة:

"سينسحب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي ما زال يسيطر عليها في غزة مع انتشار قوات الاستقرار الدولية".

هذا البند لم يكن واضحًا في الصياغة السابقة، وأصبح الآن أحد أهم أسباب تكثيف الدعم العربي للمشروع.

ثانياً: النص الكامل للمسودة الجديدة كما نشرته “العين الإخبارية”

تضمن النص بنودًا واسعة تشمل:

  • تأييد الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة (29 سبتمبر 2025).

  • الإشادة بـ إعلان ترامب للسلام (13 أكتوبر 2025).

  • تأكيد الدور المحوري لكل من مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة في وقف إطلاق النار.

  • إنشاء مجلس السلام بصفة قانونية دولية لإدارة غزة بشكل انتقالي.

  • إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة تعمل بالتشاور مع مصر وإسرائيل.

  • تكليف الجهات الدولية بإعادة الإعمار وإنشاء صندوق تمويلي عبر البنك الدولي.

  • التأكيد على انسحاب الجيش الإسرائيلي وفق معايير نزع السلاح في غزة.

  • تكليف مجلس السلام بتقديم تقارير دورية لمجلس الأمن كل ستة أشهر.

(النص الكامل مرفق أعلاه كما ورد دون تعديل).

ثالثاً: لماذا تغيّر الموقف العربي والإسلامي؟

وفق المصادر الدبلوماسية، فإن سبب الدعم المتزايد للمشروع الأمريكي يعود إلى 3 عوامل رئيسية:

1) وجود التزام واضح بانسحاب إسرائيل من غزة

هذا البند كان غائبًا في النسخ السابقة لكنه بات الآن مكتوبًا بشكل لا يحتمل التأويل.

2) الإقرار الصريح بإقامة الدولة الفلسطينية

وضع المشروع مسارًا سياسيًا واضحًا مرتبطًا بالإصلاحات الفلسطينية، مما اعتبرته دول المنطقة “اعترافًا سياسيًا مهمًا”.

3) إدارة انتقالية وليس وصاية دولية طويلة

التعديل الذي وصف مجلس السلام بأنه “انتقالي” ساعد على تبديد مخاوف عربية من تدويل غزة بشكل دائم.

رابعاً: روسيا على الخط.. اعتراض؟ أم مناورة سياسية؟

تشير التحليلات إلى أن روسيا تدرس بعناية صيغة القرار.
ورغم عدم إعلان موقفها النهائي، فإن موسكو قد:

  • تطلب تعديلات إضافية

  • أو تلوّح باستخدام الفيتو إذا لم تُدرج بنود ترى أنها تحمي "التوازن الإقليمي"

لكنّ دبلوماسيين أكدوا أن المسودة الجديدة “تُعقّد مهمة روسيا في الاعتراض لأنها تلبي أجزاء كبيرة من المطالب العربية”.

خامساً: ما الذي ينتظر الملف داخل مجلس الأمن؟

من المتوقع أن تشهد الجلسة المقبلة:

  • مشاورات دقيقة على مستوى سفراء الدول الخمس الدائمة

  • محاولة ضغط أمريكية لتمرير النص كما هو

  • تحرك مصري–قطري لتثبيت البنود المتفق عليها

  • احتمال إدخال تعديلات طفيفة قبل طرح المشروع للتصويت

وفي حال اعتماده، سيكون القرار الأكثر شمولًا منذ بداية حرب غزة.

أعادة صياغة المشهد السياسي داخل مجلس الأمن

التعديلات الثلاثة في المسودة الأمريكية أعادت صياغة المشهد السياسي داخل مجلس الأمن، وخلقت حالة جديدة من التوافق العربي–الأمريكي، بينما تبقى مواقف روسيا والصين هي “العامل الحاسم” قبل التصويت النهائي.

المشروع المطروح، بصيغته الأخيرة، يمثّل واحدة من أكبر محاولات إعادة هندسة الوضع في غزة منذ عقود، سواء على الصعيد الأمني أو السياسي أو الإعمار وإدارة القطاع.